Al-Jalīs al-ṣāliḥ al-kāfī waʾl-anīs al-nāṣiḥ al-shāfī
الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي
Editor
عبد الكريم سامي الجندي
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition
الأولى ١٤٢٦ هـ
Publication Year
٢٠٠٥ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
يَا أُمّه! أُدْني فكُلي، قُلْتُ: لَا أُرِيد، ثُمّ مضى فِي بعض حَوَائِجه وَترك الْقدر فَإِنِّي لمنكبَّة عَلَى بُلِيس عِنْدِي إِذْ ذهب بِي النّوم فَإِذا أَنَا بآتٍ قَدْ أَتَانِي، فَقَالَ: مَالك مُغتَمَّة؟ فَقلت: لكذا وَكَذَا، وَلِأَن ابْني صنع كَذَا وَكَذَا، فَنَادَى يَا رُؤْيَاهُ يَا رُؤْيَاهُ! فَجَاءَت امرأةٌ شابةٌ حَسَنَة الْوَجْه طيبَة الرّيح، فَقَالَ: مَا أردتِ من هَذِهِ الْمَرْأَة الصَّالِحَة، قَالَتْ: مَا أردْت مِنْهَا شَيْئا، فَنَادَى: يَا أضْغَاثُ يَا أضْغَاثُ! فَأَقْبَلت امرأةٌ سَوْدَاء الْخلقَة وسخةُ الثِّيَاب دونهَا، فَقَالَ: مَا أردتِ من هَذِهِ الْمَرْأَة؟ قَالَتْ: رَأَيْتهَا صَالِحَة فَأَرَدْت أَن أغُمَّها، قَالَتْ: ثُمّ انْتَبَهت فَإِذا ابْني أقبل، فَقَالَ: يَا أُمّه! أَيْنَ أَخي؟ قُلْتُ: لَا أَدْرِي حَبَا إِلَى بعض الْجِيرَان، قَالَتْ: فَذهب يمشي لَهو أهْدى إِلَى مَوْضِعه حَتَّى أَخذه وَجَاء بِهِ فَقبله، ثُمّ قعد فَأكل وأكلت مَعَه.
قَالَ القَاضِي: قَوْله: فِي الْخَبَر وَترك لي ماهِنًا وداجِنًا، الماهن: الْخَادِم، ويُقَالُ: مَهَن الرَّجُل مِهْنةً ومَهْنَةً، وَفُلَان فِي مِهْنة أَهله ومَهْنَةِ أَهله، وَالْفَتْح عِنْد كثير من أَهْل اللُّغَة أَعلَى، ويُقَالُ: مَهُن مهانةً من الهوان، وَمن المهان بِمَعْنى الْخَادِم، قَول الشَّاعِر:
وهَزئْنَ مِنِّي أَن رأَينَ مُوَيْهِنًا ... تَبدُو عَلَيْه شَتَامَةُ المَمْلُوكِ
وَأما الدَّاجِن فَهِيَ الشاةُ من شِيَاه البيوتِ الَّتِي تُعْلَفُ، وَجُمْهُور الْفُقَهَاء لَا ترى فِي دواجن الشَّاءِ زَكَاة، وَهُوَ مَذْهَب عَامَّة أَهْل الْعرَاق وَبِه نقُول، وَقَدْ أوجب عددٌ من فُقَهَاء الْحجاز الزَّكَاة فِي دواجن الْغنم، كَمَا أوجبهَا الْجَمِيع فِي سوائمها، وَاخْتِلَافهمْ فِي عوامل الْإِبِل وَالْبَقر كختلافهم فِي دواجن الْغنم، وكلامنا فِي هَذَا عَلَى استقصاءِ الْحُجج مرسوم فِيمَا ألفناه من كتبنَا فِي الْفِقْه.
وَقَول الْمَرْأَة: وَإِنِّي لمتكئةٍ عَلَى بلسٍ لي، البَلَسُ: بعضُ مَا يَكُون فِي رَحْلِ الْقَوْم من الْمَتَاع الَّذِي يُتَّكَأُ عَلَيْه، وَهُوَ اسْم أعجمي لَا أعرفهُ فِي الْعَرَبيَّة وَأرَاهُ بالرومية وَقَد اسْتعْمل عَلَى تَولُّدِه قَدِيما وحديثًا فَروِيَ فِي خبرٍ ذكر أَن أَبَا جفر الْجُمَحِيّ نظر بَيْنَ الْحَسَن بْن زَيْد ومُحَمَّد بْن عَبْد الْعَزِيز، فَقَالَ: إنَّه أقامني عَلَى البَلَسِ يَعْنِي الْحسن، فَكَأَنَّهُ اسْم لما يُعَلَّى عَلَيْه من كراسي أَو مَا أشبهه ن.
وَمِمَّا انْتهى إِلَيْنَا من عجائب أَخْبَار الرُّؤْيَا مَا يُتْعب جمعه وتصعب الْإِحَاطَة بِهِ، وَإِذَا عثرنا مِنْهُ عَلَى شيءٍ أتيناه فِي مُسْتَقْبل مجالسنا مِمَّا تيَسّر مِنْهُ، إِذْ لَمْ نَبْن كتَابنَا هَذَا عَلَى استقصاء نوع نوع مِمَّا يشْتَمل عَلَيْه، وَإِنَّمَا نأتي مِنْهُ بِأَبْوَاب ممتزجة، وأجناس موشحة، وَالْخُرُوج من قصَّة إِلَى قصَّة ن.
سَبَب حُدُوث الزلزلة
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن زِيَاد الْمقري، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن الْعَبَّاس بِالْكُوفَةِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الأسباط، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَن، عَنْ حُسَيْن، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه جَعْفَر بْن مُحَمَّد الصَّادِق ﵉ يَقُولُ: لما خلق اللَّه تَعَالَى ذكره الحوتَ الَّذِي عَلَى ظَهره الأَرْض استعظم فِي نَفسه واستكبر، وقَالَ: مَا خلق اللَّه خلقا هُوَ أقوى مني فَعلم اللَّه
1 / 272