وعودة الأمور إلى مجراها الطبيعي كراهة النفقات الباهظة التي تتكلفها الدولة في إعداد هذه الحملات.
وفي بعض الأحيان كانت تمنى حملات السلطان بالهزيمة أمام قوة الأعراب «١»، ولذلك فإن المماليك كانوا ينتقمون من الأعراب انتقاما شديدا بعد هزيمتهم، وكانوا يكثرون فيهم القتل والنهب والسلب كما كان سلاطينهم يبالغون في التمثيل بمن يؤتى به منهم أسيرا «٢» وكثيرا ما اضطربت أحوال البلاد بسبب الأراجيف التي تنتشر بنية الأعراب محاولة الهجوم على القاهرة لا سيما في أيام الأزمات أو وجود الجند خارج البلاد في إحدى الحملات «٣».
وكثر قطع طريق الحجاج والاغارة عليهم وانتهابهم وتعويق بعضهم في الطريق «٤»، وهناك أمثلة أخرى كثيرة أشار إليها مؤرخو هذه الفترة تدل دلالة واضحة على الاضطراب والفساد الذي كانت تحدثه تحركات الأعراب ومهاجمتهم للمدن والقرى، وتدل على مبلغ قوتهم في هذه الآونة «٥»، فضلا عن اشتراكهم في بعض الأحيان في الفتن السياسية، وصراع قبائلهم فيما بينهم. وهكذا ظل الأعراب طوال هذه الفترة مصدرا هاما من مصادر القلق والفساد وعدم الاستقرار بالبلاد.
الأقليات الأجنبية:
بالاضافة إلى الطوائف السابقة وجدت بالبلاد مجموعة كبيرة من الأقليات الأجنبية، وقد قدر عدد الأجانب في بعض الأحيان بالاسكندرية بثلاثة آلاف تاجر مسيحي «٦»، وكان هناك عديد من الجاليات موزعة على المدن المختلفة،