============================================================
كان بعضهم رحمة الله عليه إذا رأى كافرا وقع على الأرض من شدة غضبه. كان يتم عليه ذلك من شدة غيرته لله عز وجل، وغضبا له. كيف يكفر به عبد من عبيده، ولا شك أنه قد كان مبتديا، لأن البداية ضعف الإيمان والنهاية قوته. عن (184/ب] بعضهم أنه قال لا يضحك في وجه المنافق / إلا العارف، كثر علمه ودقت حيلته، وتمكن طبه فتبسم في وجهه: آي عندي دواؤك تعالى، يطيب له الكلام حتى يأخذه إليه، ويشغله معه، ويؤنسه حتى يأنس إليه، فإذا تمكن منه عالج مرضه، يعرض عليه الاسلام والايمان، ويصف له حديثهما وصفاتهما يعرض عليه حديث ربه عز وجل، ويضمن له الصلح معه. فكلما جاء يوم بعد يوم ذاب كفره ونفاقه ومعصيته، يذوب مرض قلبه وتنصلح جراحة نفسه، ينصلح ظاهره وباطنه من غير خصومة ولا منازعة، من غير طعنة ولا ضربة. كان عيسى بن مريم عليهما السلام ويحبى بن زكريا عليهما السلام يسبحان في البرية، فإذا جنهما الليل، ذهب يحى إلى قرية المؤمنين، وذهب عيسى إلى قرية الفساق كان يحجى يهرب (1/185] إلى/ المؤمنين لضعف حاله، وعيسى إلى الفساق لقوة حاله حتى يعظهم ويحذرهم ويأخذ بأيديهم إلى باب ربهم عز وجل. ذاك كان يريد يصلي ويصوم بين المؤمنين، وهذا كان يريد يدعو الناس إلى الله عز وجل وعبادته.
العارف قد كاري وعبادته دعوة الخلق إلى الله عز وجل، فهو لا يزال مع الله على هذا المقام. المؤمن رزكاري والمؤمن بشكار والعارف بناء والعالم بالله عز وجل مهندس ومطرق (17) ويلك أنت ما صح الإسلام لك! كيف تصعد إلى هذا المقام وتعلم الخلق.
انزل، وإلا أنزلت منكسا على رأسك، لا بد أن يغار الحق عز وجل لدينه، ويعزل كل منافق عن ولايته ويحطه عن صنبره، ويخرسه عن الكلام على الناس.
(17) تذكاري ورزكاري وبيشكار كلمات فارسية وتعني العمل اليومي ومقدماته.
196
Page 196