Al-Jadīd fī al-ḥikma
الجديد في الحكمة
Editor
حميد مرعيد الكبيسي
Publisher
مطبعة جامعة بغداد
Publication Year
1403م-1982م
Publisher Location
بغداد
Genres
ولما كان أسافل البدن ، وما بعد عن الدماغ ، يحتاج أيضا إلى | حس وحركة إرادية ، أخرج من أسفل القحف شيئا من الدماغ ، هو | النخاع ، وحصنه لشرفه بحرز الظهر ، كما حصن الدماغ بالقحف ، حتى | صار الدماغ بمنزلة عين وينبوع للحس والحركة ، والنخاع بمنزلة نهر | | عظيم تجري منه ، والأعصاب النابتة من النخاع بمنزلة جداول تأخذ من | ذلك النهر ، فالدماغ معدن الحواس الباطنة ، وينبوع الحواس الظاهرة | والحركة الارادية .
والقلب هو معدن الروح والحرارة الغريزية ، ومنه يكتسب سائر | البدن بواسطة الشرايين . ولما كان القلب محتاجا لبقائه على طباعه | إلى نسيم هو أبرد منه ، ليخرج ما قد سخن في تجاويفه من الهواء سخونة | مفرطة ، خلق له آلات النفس ، كالصدر والرئة ، وجعل بينها وبين | القلب ' وصل ومجاري ' ينفذ منها ما يستنشق من الهواء .
وجعل الكبد أصلا ومولدا للأخلاط ، ووصل منه العروق بالأعصاب | ليسقي كل عضو ، ويوزع الدم وما يصحبه من سائر الأخلاط عليها ، | بقدر حاجتها إليه ، فيكون بذلك بقاء ما يبقى بحاله ، ونمو ما ينمى | منها .
ولما كان ما يغتذي به ليس يستحيل عن آخره ، بل يبقى منه | فضل غير صالح للغذائية ، لو بقي في البدن لاورث ضروبا من الأسقام ، | أعد لدفع ذلك الفضل وإخراجه ( لوحة 369 ) آلات ومنافذ .
ولما ركبت جثة الحيوان من أجسام متحللة غير دائمة البقاء | والثبات ، لم يمكن أن يبقى الشخص الواحد دائما . فهيئات آلات التناسل | لبقاء نوعه بحاله .
والأفعال في الحيوان ثلاثة : طبيعية وحيوانية ونفسانية . | والطبيعة منها ما يكون به بقاء الشخص ، ومنها ما يكون به بقاء النوع .
Page 584