405

Al-Jadīd fī al-ḥikma

الجديد في الحكمة

Editor

حميد مرعيد الكبيسي

Publisher

مطبعة جامعة بغداد

Publication Year

1403م-1982م

Publisher Location

بغداد

وتنتهي العقول في النقص إلى عقل لا يصدر عنه عقل . والحال في | ذلك كالحال في الأنوار المحسوسة ، إذا كانت نورية بعضها مستفادة من | نورية بعض ، إلى أن تنتهي في النقص إلى نور ، لا يظهر عنه نور آخر .

والتفاوت في الكمال والنقص قد يكون : من جهة الفاعل ، وقد | يكون من جهة القابل ، وقد يكون من جهتيهما معا . فما لا قابل له | فتفاوته في ذلك ، يكون بسبب رتبة فاعله ، وكمال الواجب ، لا علة | له ، بل هو الوجود المحض ، الذي لا يشوبه فقر ونقص .

والعقل الأول هو أكمل الممكنات وأشرفها ، وهو فقير في نفسه ، | غني بالواجب . ووجود المعلول من العلة ليس بأن ينفصل منها شيء ، | فإن الانفصال والاتصال من خواص الأجسام . بل على أنه موجود بها | فحسب ، كما هو الحال في أشراق نور الشمس .

ولا يمتنع في بديهة العقل أن يكون المعلول يقبل عن علته ، بعد | صدوره عنها ، أعني البعيدة الذاتية هيئة أو هيئات .

وإذا قبل العقل الأمر الأول من الواجب هيئة ، فلا يوجب ذلك | أن يكون الواجب متكثرا ، بسبب إعطاء الذات والهيئة ، فإنهما لم | يوجدا عنه ، لمجرد ذاته ، بل أحدهما ، وهو الذات ، هو لذاته فحسب ، | والآخر ( و ) هو الهيئة لصلوح القابل ، فالمجردات . فقد تنعكس | الأنوار من بعضها على بعض ، كما تنعكس الأنوار المحسوسة من | الأجسام .

وكل سافل يقبل من الواجب ، بتوسط ما فوقه رتبة رتبة . إذ | المجردات لا يحجب بعضها عن بعض ، فإن الحجاب من خاصية الأجسام | والأبعاد وشواغلها ، وبمشاركة الذوات مع هيئة الأشعة ، وبمشاركة | بعض هذه الأشعة مع بعض تتكثر الموجودات المجردة وغيرها .

ويكون منها ما هي متكافئة في الوجود ، ومنها ما هو في سلسلة | العلية والمعلولية طولا . |

Page 569