150

Jadid Fi Hikma

الجديد في الحكمة

Investigator

حميد مرعيد الكبيسي

Publisher

مطبعة جامعة بغداد

Publication Year

1403م-1982م

Publisher Location

بغداد

فإن وافق أنه يعلم ، فقد اعترف بعلم ما ، وإن لم يوافق على ذلك ، | وادعى أنه لا يفهم أبدا شيئا ، ولا يعلم أنه يشك وينكر ، ولا أنه موجود | أو معدوم ، سقط الاحتجاج معه ، وأيس من استرشاده ، ما دام على | هذه العزيمة .

فليس إلا أن يؤلم بدخول نار ، أو ضرب ، أو غير ذلك ، مما يؤلم ، | فإن النار واللانار عنده واحد ، والألم واللا ألم واحد . ومثل هذا إن | كان شاكا في نفس الأمر ، كما يزعم . فربما اهتدى بهذا القول ، أو | هذا الفعل .

وإن كان معاندا ، فربما الجأه الألم إلى الاعتراف بالحق ، ولعله لا | يوجد ، من هو على هذا الرأي إلا أن ينتحله على طريق العناد . ووقوع | الادراك على أصناف الادراكات إنما هو بالتشكيك ، فإنه قابل للشدة | والضعف . ألا ترى أن الادراك بالبصر أقوى من الادراك بالخيال ، وإن | كنا ندرك تفاصيل المدرك بالخيال ، كادراكنا لها بالبصر . فإن في | المشاهدة مزيل انكشاف ، ليس في التخيل ، ولهذا ليس تخيل المعشوق | كابصاره .

وبعض التخيل أقوى من بعض ، وكذا التعقل تتفاوت درجاته في قوته | وضعفه ، وهو أقوى من الادراك الحسي ، لأن الادراك العقلي خالص | من الشوب إلى الكنه ، فإنه يدرك الحقائق المكتنفة بالعوارض كما هي ، | واصلا إلى كنه المعقول . والحسي شوب كله ، لأنه لا يدرك إلا كيفيات | تقوم بسطوح الأجسام التي تحضره فقط .

والعقلي أيضا أكثر كمية منه ، فإن عدد تفاصيل العقلي لا تكاد | تتناهى .

Page 304