وبعبارة أوضح: العمل له طرفان: طرف داخل الفاعل نفسه، وهو ما نسميه بالعمل في حالة الأداء، وطرف خارج هذا الفاعل، هو ما نسميه نتيجة العمل أو محصلته. ونحن نسلم بأن هذه الإجابة ليست إجابة شافية مقنعة لسؤالنا: ما المقصود بالعمل في حالة الأداء
doing ؟ وقد يقول قائل: إن السؤال نفسه مستحيل، طالما أن العمل في حالة الأداء، أو الفعل في حالة الأداء، ليس إلا شيئا داخل الفاعل نفسه؛ ومن ثم لا يستطيع أحد أن يخبره سوى الفاعل ذاته. فإذا أنت قطعت برتقالة نصفين، فلن يستطيع أحد أن يرى بداية هذا الفعل أو الطرف الداخلي منه الذي يقع داخل الفعل نفسه. إن كل ما يستطيع المشاهد الخارجي ملاحظته هو البرتقالة وقد شطرت شطرين، أعني نتيجة الفعل، أو محصلته، أو الفعل وقد تم. وقد يقال إنه لو صح ذلك، فلن يكون في قدرتنا أن نقدم تحليلا كاملا لما نقوم به فعلا حين ننتبه أثناء الإدراك الحسي، أو أثناء التفكير، أو الإرادة، طالما أن ذلك جانب داخلي، ولن نستطيع أن نفعل شيئا سوى أن نحيل كل فرد إلى خبرته الخاصة، لكي «يخبر» ما يحدث بالفعل أثناء عملية الانتباه.
الفعل - كما سبق أن ذكرنا - يتكون من عنصرين أو طرفين، هما العمل في حالة الأداء من ناحية، ونتيجة هذا العمل أو محصلته من ناحية أخرى، والواقع أننا لا نستطيع أن نكون على وعي مباشرة إلا بالعنصر الأول فقط، أما العنصر الثاني فيمكن أن نعيه من الناحية الحسية، إذا كان ما نقوم به عملا جسميا: «على أن العنصر الثاني قد ينسلخ أحيانا - كما يحدث في حالات المرض والإصابة - وذلك هو غاية ما نصل إليه في تحليلنا للمركز الثاني، الذي هو فعل نؤديه عن وعي بما نفعل، فانظر إلى ما يحدث حين يفقد عضو في جسدنا قدرته على الإحساس، مع احتفاظه بقدرته على الحركة، فعندئذ لا يحس الإنسان المصاب بمثل هذا العضو، ولا يدري أين يكون من جسده إلا إذا رآه، فقد يصاب الإنسان أثناء نومه بخدر في ذراعه، فتراه حينئذ لا يدرك وجود الذراع إدراكا حسيا، وإن يكن يستطيع تحريكه عن وعي بحركته، وفي أمثال هذه الحالات، تظل الأنا واعية بنفسها عن طريق أدائها لفعل ما، ومعنى ذلك أن البقية الباقية من الوعي في مثل هذه الظروف التي نفقد فيها إدراكنا الحسي بعضو من أعضاء الجسد ، لا يكون الحس هو طريقنا إليها، بل الطريق هو وعي الأنا بنفسها وعيا مباشرا بما تنشط به من فعل.»
5
وهذا الوعي المباشر بأنفسنا في حالة الفعل هو - فيما يبدو - الطريق الوحيد الممكن للتعرف على الفعل من ناحيته الذاتية، أعني التعرف على الفعل في جانبه الداخلي من حيث هو فعل في حالة الأداء يتميز عن الفعل التام، أو عن نتيجة هذا الفعل ومحصلته. (6) غير أن أ. س. يوونج
A. C. Ewing ، يرى رأيا مخالفا
6
فهو يريد منا أن ننظر إلى عملية الفعل في حالة الأداء «أي الجانب الداخلي من الفعل» بنفس الطريقة التي ننظر بها إلى العمليات التي نشاهدها في العالم الطبيعي الخارجي. وهو يرى أن الفعل في أي من الحالتين «الداخلية أو الخارجية» هو مجموعة من الحوادث التي ترتبط ارتباطا سببيا. والصلة الضرورية بين الحوادث في عملية «الفعل في حالة الأداء هي نفسها الصلة الضرورية الموجودة في تدفق الفيضان، وإن كانت عملية الفعل في حالة الأداء، التي ننسبها إلى فاعل، تختلف عن هذه العملية الطبيعية، فهي لا تختلف عنها إلا في أن طبيعة حوادثها مختلفة. وهو ينتهي من تحليله للفعل إلى أن للفعل خمس خصائص: (1)
لا بد أن يتضمن حادثا سيكولوجيا وحادثا فسيولوجيا. (2)
الحادث السيكولوجي لا بد أن يكون جانبا من السبب للحادث الآخر. (3)
Unknown page