certain determinable
في نقطة معينة أو في لحظة محددة، فسوف يكون من اللغو أن نقول: «إننا إذا ما قدمت لنا المعطيات الدقيقة في لحظة معينة» فسوف يكون من الممكن التنبؤ بالظروف في لحظة «لاحقة». لأن «المعطيات في لحظة معينة» لا يمكن أن تعطى بدقة. (5) لكنا لم نقدم الحجة السابقة لكي نبرهن على أن السلوك البشري لا يمكن التنبؤ به لأن حوادث العالم الطبيعي قد وجدنا أنها تجاوز عملية التنبؤ. فذلك لا بد أن يعني أن الأحداث الذهنية معتمدة على الأحداث المادية، وأن مبدأ اللاحتمية المفترض في المادة دليل في صالح لا حتمية الذهن، أعني أن خصائص الذهن يمكن استنباطها من خصائص المادة. والواقع أن الحجة السابقة تهدف إلى تفنيد النظرية التي تعزو - بيقين مطلق - حتمية للعالم غير العضوي، ثم تفترض بعد ذلك عن طريق المماثلة والتشابه، أن الحتمية تصدق كذلك على الحوادث الذهنية رغم مظهرها الذي يوحي بعكس ذلك.
سوف أقتبس النصوص الآتية من برفيسور إدنجتون وأوجهها إلى أولئك الذين لا يزالون يعتقدون أنه من الصعب التخلص من الحتمية بوصفها تصورا صادقا للعالم المادي - يقول إدنجتون: «لا بد لي أن أوضح أن النظرة العلمية للمذهب اللاحتمي لا تعني أن هناك أحيانا استثناءات للقانون الحتمي، لكنها تعني أن كل ظاهرة هي لا حتمية بدرجة كبيرة أو صغيرة.»
7
وهو يقول كذلك: «إني أعتقد أننا ننظر إلى المذهب الحتمي الآن على أنه زعم بغير أساس.»
8
وهو يقول أيضا: «طالما أن الحتمية قد أزيحت من وضعها الذي يبدو منيعا في علم الطبيعة، فإن - من الطبيعي - أن نشك في قولها حين تزعم أنها اتخذت لنفسها وضعا مؤكدا في مناطق أخرى من الخبرة.»
9
ويلاحظ الكاتب نفسه، وهو يلخص حججه في صالح المذهب اللاحتمى: «(1) يبدو أننا نقوم بتعقيد لا مسوغ له حين نفترض وجود الحتمية في العمليات الذهنية واللاحتمية في العمليات الطبيعية. (2) من الصعب أن نرى كيف يمكن أن تنطبق الحتمية على حالة ذهنية معينة وحالة ذهنية أخرى، لا سيما إذا كانت حالة ذهنية لفرد معين - أعني وحدة
unit ، قد لا يكون لها نظير في الكون على الإطلاق - فهي تلغي مشكلة المماثلة الوثيقة مع إمكان التنبؤ في النظم الفيزيائية. (3) الحالات الذهنية بطبيعتها ذاتها ومن خصائصها نفسها ليست معطيات للتنبؤ الدقيق».
Unknown page