على نفسي ذليت من قلة حبيب ردي
وخدمت ضدي وأكل العيش جابرني
سألته متى بدأ يتجه للشعر السياسي، فقال من قبل الثورة، من أيام حظر التجول، وكمثل غنى هذا المقطع:
إزاي ح اقول فن والأفكار مقفولة؟
الناس تاكل شهد وانا مش لاقى ماء فوله
وم الساعة تسعة تلاقي مصر مقفولة
أمريكي يتساءل: هل عندنا حرية؟
تلقيت هذا الأسبوع رسالة ضخمة من أمريكا، حين فضضتها وجدت أنها من أستاذ جامعي كبير مهتم بأمور الشرق الأوسط، كنت قد قابلته هناك، وجرت بيننا مناقشات بلغت درجة الحدة في أحيان. الرسالة وجدتها تعليقا وردا على الانطباعات القليلة التي نشرتها عن الولايات المتحدة لدى عودتي، وأخفف من الواقع كثيرا حين أقول إنها «تعليق» أو «رد» فالحقيقة أنها رسالة غاضبة، تنقد بشدة ما كتبت ويلومني صاحبها لوما كثيرا باعتبار أني في رأيه قد تجنيت على الحقيقة، وتحاملت على الأوضاع هناك تحاملا متحيزا.
وكم كان بودي أن أنشر رسالة هذا المثقف الأمريكي الكبير وأضعها أمام القارئ العربي تمهيدا للرد عليها، أنشرها لا لشيء إلا لكي أثبت لهذا الأستاذ الجامعي أن لدينا حرية واسعة للنشر، وأننا لا نضيق بالنقد ولا بالهجوم، لولا أن الرسالة طويلة والحيز المخصص لي لا يسمح، ولكني سأختار فقرة من خطابه، تلك التي يعتقد أني لا أجرؤ على مجرد عرضها على الرأي العام العربي، والتي يقول فيها: لقد تظاهر الطلبة والأساتذة في الجامعة التي أعمل بها ضد «العمل الأمريكي» في فيتنام ولكني أعتقد أنه لا الطلبة عندكم ولا الأساتذة يستطيعون أن يقوموا بنفس الشيء تجاه الموقف في اليمن. وفي نيويورك هاجم عدد من الناس الرئيس جونسون، فهل يستطيع المصريون أن يهاجموا رئيس دولتهم؟
ويورد الأستاذ الأمريكي هذا التحدي في مجال نقده لما كتبته باعتبار أني صورت المجتمع الأمريكي في صورة بالغة السواد، تملقا أو إرضاء للاتجاه السائد في شرقنا العربي في الهجوم على أمريكا، وباعتبار أني لا أستطيع إلا أن أخضع لوجهة النظر المسبقة هذه فيما أكتب. ويستطرد قائلا: إني لا أزعم أن الولايات المتحدة خالية من العيوب، ولكني أقول إننا نختلف عنكم في أننا لا نخفي عيوبنا عن أنفسنا، ونناقشها بمطلق الحرية، وهذا هو الضمان الوحيد لحل كل مشاكلنا وإصلاح كل عيوبنا.
Unknown page