127

Ittihafat

الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية

Investigator

عبد القادر الأرناؤوط - طالب عواد

Publisher

دار ابن كثير دمشق

Publisher Location

بيروت

Genres

Ḥadīth
أو بعيدًا، ذا رحم، أو صاحب، وصديق، ولا يقصدون بذلك إلا التقرُّب إلى الله جل ذكره، والزلفى إليه.
وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل الزيارة، وما للزائر من الخير العظيم: روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ قال: "إنَّ رجلًا زار أخًا له في قرية فأرصد الله تعالى على مدرجته ملكًا، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخًا لي في هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة تربُّها؟ قال: لا، غير أني أحببته في الله. قال: فإني رسول الله إليك؛ بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه" ١ والمدرجة بفتح الميم والراء: الطريق، وأرصده: أعد له ملكًا يقعد له على الطريق يترقبه. وقوله: "تربها" أي: تقوم بها، وتسعى في صلاحها.
وروي البزار وأبو يعلى بإسناد جيد عن أنس ﵁؛ عن النبي ﷺ قال: "ما من عبد أتي أخاه يزوره في الله إلا ناداه من السماء: أن طِبت، وطابت لك الجنة، وإلا قال الله في ملكوت عرشه: عبدي زار فيَّ وعليَّ قراه، فلم يرضَ له بثواب دون الجنة" ٢ فهؤلاء وجبت لهم محبة الله ﷿، والمحب مع من أحب يوم القيامة. نسأل الله أن يجعلنا منهم، وأن يهدينا طريقهم!
النوع الخامس: المتباذلون في الله؛ أي: من بذل ماله، وجاهه، وما يقدر عليه، وأعطاه، وسمح به لأخيه المؤمن المستحق عن طيب نفس ابتغاء مرضاة الله، ولم يقصد بذلك سوى وجه الله ﵎. قال الباجي: أي: الذين يبذلون أنفسهم في مرضاته من الإنفاق على جهاده عدوه، وغير ذلك مما أمروا به. والله أعلم.
والحديث رواه أيضًا مالك في الموطأ مطولًا.

١ رواه أحمد في المسند "٢/ ٢٩٢و٤٠٨"، والبخاري في الأدب المفرد رقم"٥٣٠"، ومسلم رقم"٢٥٦٧"، والبغوي في شرح السنة رقم "٣٤٦٥"وابن حبان رقم "٥٧٢" من حديث أبي هريرة ﵁.
٢ رواه أبو يعلى رقم "٤١٤٠". والبزار رقم "١٩١٨". وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد "٨/ ١٧٣"وقال: رواه البزار وأبو يعلى ورجال أبي يعلى رجال الصحيح غير ميمون بن عجلون وهو ثقة. من حديث أنس ﵁ ويشهد له ما قبله.
١٠٣ "حقَّت محبتي للمتحابين في، أظلهم في ظل العرش يوم القيامة

1 / 128