255

Al-Itqān fī ʿulūm al-Qurʾān

الإتقان في علوم القرآن

Editor

محمد أبو الفضل إبراهيم

Publisher

الهيئة المصرية العامة للكتاب

Edition Number

١٣٩٤هـ/ ١٩٧٤ م

قَالَ: وَهَذَا مِمَّا لَا يَخْفَى مَا فِيهِ: فَإِنَّ التَّوَاتُرَ إِذَا ثَبَتَ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الرُّكْنَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ مِنَ الرَّسْمِ وَغَيْرِهِ إِذْ مَا ثَبَتَ مِنْ أَحْرُفِ الْخِلَافِ مُتَوَاتِرًا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَجَبَ قَبُولُهُ وَقُطِعَ بِكَوْنِهِ قُرْآنًا سَوَاءٌ وَافَقَ الرَّسْمَ أَمْ لَا وَإِذَا شَرَطْنَا التَّوَاتُرَ فِي كُلِّ حَرْفٍ مِنْ حُرُوفِ الْخِلَافِ انْتَفَى كَثِيرٌ مِنْ أَحْرُفِ الْخِلَافِ الثَّابِتِ عَنِ السَّبْعَةِ. وَقَدْ قَالَ أَبُو شَامَةَ: شَاعَ عَلَى أَلْسِنَةِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُقْرِئِينَ الْمُتَأَخِّرِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْمُقَلِّدِينَ أَنَّ السَّبْعَ كُلَّهَا مُتَوَاتِرَةٌ أَيْ كُلُّ فَرْدٍ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُمْ.
قَالُوا: وَالْقَطْعُ بِأَنَّهَا مُنَزَّلَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاجِبٌ وَنَحْنُ بِهَذَا نَقُولُ وَلَكِنْ فِيمَا اجْتَمَعَتْ عَلَى نَقْلِهِ عَنْهُمُ الطُّرُقُ وَاتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الْفِرَقُ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ لَهُ فَلَا أَقَلَّ مِنِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَتَّفِقِ التَّوَاتُرُ فِي بَعْضِهَا.
وَقَالَ الْجَعْبَرِيُّ: الشَّرْطُ وَاحِدٌ وَهُوَ صِحَّةُ النَّقْلِ وَيَلْزَمُ الْآخَرَانِ فَمَنْ أَحْكَمَ مَعْرِفَةَ حَالِ النَّقَلَةِ وَأَمْعَنَ فِي العربية وأتقن الرسم انحلت لَهُ هَذِهِ الشُّبْهَةُ.
وَقَالَ مَكِّيٌّ: مَا رُوِيَ فِي الْقُرْآنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
قِسْمٌ يُقْرَأُ بِهِ وَيَكْفُرُ جَاحِدُهُ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الثِّقَاتُ وَوَافَقَ الْعَرَبِيَّةَ وَخَطَّ الْمُصْحَفِ.
وَقِسْمٌ صَحَّ نَقْلُهُ عَنِ الْآحَادِ وَصَحَّ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَخَالَفَ لَفْظُهُ الْخَطَّ فَيُقْبَلُ وَلَا يُقْرَأُ بِهِ لِأَمْرَيْنِ: مُخَالَفَتِهِ لِمَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَمْ يُؤْخَذْ بِإِجْمَاعٍ بَلْ بِخَبَرِ الْآحَادِ وَلَا يَثْبُتُ بِهِ قُرْآنٌ وَلَا يَكْفُرُ جَاحِدُهُ وَلَبِئْسَ مَا صَنَعَ إِذْ جَحَدَهُ!

1 / 262