Itqan
الإتقان في علوم القرآن
Investigator
محمد أبو الفضل إبراهيم
Publisher
الهيئة المصرية العامة للكتاب
Edition Number
١٣٩٤هـ/ ١٩٧٤ م
قِسْمٌ يَرْوُونَهُ بِلَفْظِهِ الْمُوحَى بِهِ وَقِسْمٌ يَرْوُونَهُ بِالْمَعْنَى وَلَوْ جُعِلَ كُلُّهُ مِمَّا يُرْوَى بِاللَّفْظِ لَشَقَّ أَوْ بِالْمَعْنَى لَمْ يُؤْمَنِ التَّبْدِيلُ وَالتَّحْرِيفُ فَتَأَمَّلْ.
وَقَدْ رَأَيْتُ عَنِ السَّلَفِ مَا يُعَضِّدُ كَلَامَ الْجُوَيْنِيِّ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَقِيلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْوَحْيِ فَقَالَ: الْوَحْيُ مَا يُوحِي اللَّهُ إِلَى نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَيُثْبِتُهُ فِي قَلْبِهِ فَيَتَكَلَّمُ بِهِ وَيَكْتُبُهُ وَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ وَمِنْهُ مَا لَا يَتَكَلَّمُ بِهِ وَلَا يَكْتُبُهُ لْأَحَدٍ وَلَا يَأْمُرُ بِكِتَابَتِهِ وَلَكِنَّهُ يُحَدِّثُ بِهِ النَّاسَ حَدِيثًا وَيُبَيِّنُ لَهُمْ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ أَنْ يُبَيِّنَهُ لِلنَّاسِ ويبلغهم إياه.
فصل
وَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ لِلْوَحْيِ كَيْفِيَّاتٍ:
إِحْدَاهَا: أَنْ يَأْتِيَهُ الْمَلَكُ فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ كَمَا فِي الصَّحِيحِ وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ سَأَلَتُ النَّبِيَّ ﷺ هَلْ تُحِسُّ بِالْوَحْيِ فَقَالَ أَسْمَعُ صَلَاصِلَ ثُمَّ أَسْكُتُ عِنْدَ ذَلِكَ فَمَا مِنْ مَرَّةٍ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا ظَنَنْتُ أَنَّ نَفْسِي تُقْبَضُ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَالْمُرَادُ أَنَّهُ صَوْتٌ مُتَدَارِكٌ يسمعه ولا يبين له أَوَّلَ مَا يَسْمَعُهُ حَتَّى يَفْهَمَهُ بَعْدُ. وَقِيلَ: هُوَ صَوْتُ خَفْقِ أَجْنِحَةِ الْمَلَكِ وَالْحِكْمَةُ فِي تَقَدُّمِهِ أَنْ يَفْرُغَ سَمْعُهُ لِلْوَحْيِ فَلَا يَبْقَى فِيهِ مَكَانًا لِغَيْرِهِ. وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ أَشَدُّ حَالَاتِ الْوَحْيِ عَلَيْهِ وَقِيلَ: إِنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يَنْزِلُ هَكَذَا إِذَا نَزَلَتْ آيَةُ وعيد وتهديد.
1 / 160