113

Al-Itqān fī ʿulūm al-Qurʾān

الإتقان في علوم القرآن

Editor

محمد أبو الفضل إبراهيم

Publisher

الهيئة المصرية العامة للكتاب

Edition Number

١٣٩٤هـ/ ١٩٧٤ م

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ تَعَالَ فَتَمَسَّحْ بِآلِهَتِنَا وَنَدْخُلُ مَعَكَ فِي دِينِكَ - وَكَانَ يُحِبُّ إِسْلَامَ قَوْمِهِ - فَرَقَّ لَهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ الْآيَاتِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ ثَقِيفًا قَالُوا لِلنَّبِيِّ ﷺ: أَجِّلْنَا سَنَةً حَتَّى يُهْدَى لِآلِهَتِنَا فَإِذَا قَبَضْنَا الَّذِي يُهْدَى لَهَا أَحْرَزْنَاهُ ثُمَّ أَسْلَمْنَا. فَهَمَّ أَنْ يُؤَجِّلَهُمْ فَنَزَلَتْ. هَذَا يَقْتَضِي نُزُولَهَا بِالْمَدِينَةِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَالْأَوَّلُ يَقْتَضِي نُزُولَهَا بِمَكَّةَ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ أَبِي الشَّيْخِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ يَرْتَقِي إِلَى دَرَجَةِ الصَّحِيحِ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
الْحَالُ الرَّابِعُ: أَنْ يَسْتَوِيَ الْإِسْنَادَانِ فِي الصِّحَّةِ فَيُرَجَّحُ أَحَدُهُمَا بِكَوْنِ رَاوِيهِ حَاضِرَ الْقِصَّةِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحَاتِ مِثَالُهُ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَسِيبٍ فَمَرَّ بِنَفَرٍ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ: بَعْضُهُمْ لَوْ سَأَلْتُمُوهُ! فَقَالُوا: حَدِّثْنَا عَنِ الرُّوحِ فَقَامَ سَاعَةً وَرَفَعَ رَأْسَهُ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ حَتَّى صَعِدَ الْوَحْيُ ثُمَّ قَالَ: ﴿قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ .
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ- وَصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – قَالَ: قَالَتْ قُرَيْشٌ لِلْيَهُودِ: أَعْطُونَا شَيْئًا نَسْأَلُ هَذَا الرَّجُلَ فَقَالُوا: اسْأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ فَسَأَلُوهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾ الْآيَةَ فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا نَزَلَتْ بِمَكَّةَ وَالْأَوَّلُ خِلَافُهُ وَقَدْ رَجَّحَ بِأَنَّ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَصَحُّ مِنْ غَيْرِهِ وَبِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ حَاضِرَ الْقِصَّةِ.

1 / 120