57

Iʿtiqād ahl al-Sunna sharḥ aṣḥāb al-ḥadīth

اعتقاد أهل السنة شرح أصحاب الحديث

Publisher

وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

Edition

الأولى

Publication Year

١٤١٩هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

فسبحانه خلق الخلق بلا حاجة إليهم، فجعلهم فريقين: فريقا للنعيم فضلا، وفريقا للجحيم عدلا، وجعل منهم غويا ورشيدا وشقيا وسعيدا، وقريبا من رحمته وبعيدا وكذلك من مذهب أهل السنة والجماعة أن الله ﷿ مريدٌ لجميع أعمال العباد خيرها وشرها، لم يؤمن أحد به إلا بمشيئته، ولم يكفر أحد إلا بمشيئته ولو شاء لجعل الناس أمة واحدة: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا﴾ ولو شاء أن لا يُعصى ما خلق إبليس، فكُفر الكافرين وإيمان المؤمنين وإلحاد الملحدين وتوحيد الموحدين وطاعة المطيعين ومعصية العاصين كلها بقضائه ﷾ وقدره وإرادته ومشيئته، أراد كل ذلك وشاءه وقضاه، ويرضى الإيمان والطاعة ويسخط الكفر والمعصية ولا يرضاها، قال الله ﷿: ﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ﴾) .
قلت: هذه خلاصة مذهب أئمة حديث أهل السنة والجماعة، فقد دلت النصوص من الكتاب والسنة والإجماع على أن الله سبحانه هو الخالق لكل شيء من الأعيان والأوصاف والأفعال وغيرها، وأن مشيئة الله عامة شاملة لجميع الكائنات فلا يقع منها شيء إلا بتلك المشيئة، وأن

1 / 59