Ithbat Nubuwwa
إثبات نبوة النبي
Genres
فإذا لم يثبت شيء من ذلك ، فكيف يلزمنا أن نقول: إنه كان معجزا ؟ وما له (¬1) قلنا: إن القرءان معجز لم يحصل له ؟!
فإن قيل : قد علمنا أن تفرد الواحد بضرب من الفضل حتى يذكر به ، ويرؤس بتحصيله ، مما يحرك طبع غيره على الاتيان بمثله ، فيجري ذلك مجرى التحدي .
قيل له: هذا لا يقوله من عرف أحوال الناس وعاداتهم ، لأنا نعلم من أحوال كثير من العلماء الذين يتقدمون في كثير من العلم ، أنهم لم يكن لهم دواعي إلى تصنيف الكتب في العلوم التي برعوا فيها ، بل ربما لم يجد الواحد منهم ، إذا علم أن غيره قد كفاه المؤنة في ذلك ، وأتى بما كان مراده ، كان ذلك صارفا له عن الاشتغال به ، وإن جاز أيضا أن يتفق ذلك ما سأل عنه السائل ، لكن ذلك لا يمكن الإبانة بعلم أن للقوم أحوالا كأحوال من عادى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، من كفار قريش وسائر العرب ، على ما بيناه . ومتى ما مرت الأحوال على ذلك ، فلا بد من الاتيان بمثل ما أتى به من كان معهم في مثل حال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، إلا أن يتعذر ذلك عليهم .
فأما مقدار ما سأل عنه السائل ، فلا يجب من سائرهم أن يقع الاتيان بمثل ما أتى به بعضهم ، وإن كان ممكنا لهم .
فإن قيل: فإذا لم يعلموا تلك الأحوال فشكوا في كونه معجزا ؟!
Page 138