186

وهذا أيضا من الغيب ، لأنه خبر عن بقاء المؤمنين إلى ذلك الوقت مع قلتهم ، وطمع الأعداء في ابتسافهم (¬2) . وعن أنهم يفرحون ، ولا تعرض هناك أحوال تمنعهم الفرح ، لأن هذه الآية نزلت بمكة قبل الهجرة ، في حال ضعف المسلمين وقلتهم ، واستيلاء المشركين عليهم ، والقصة في ذلك مشهورة ، وهي (( أن الفرس كانوا غلبوا الروم ، ففرح لذلك المشركون واغتم المسلمون ، لأن الروم كانوا أهل الكتاب ، فكان المسلمون بهم آنس ، والفرس كانوا مجوسا ، وكان المشركون بهم أشبه . فأنزل الله عز وجل: { وهم من بعد غلبهم سيغلبون (3) في بضع سنين } ، ففرح المسلمون ، وأنكره المشركون واستبعدوه ، فخاطر (¬1) أبو بكر أمية بن خلف الجمحي ، على أن تعود الغلبة للروم على الفرس إلى ثلاث سنين ، وظن أن بضع معناه: ثلاث ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( زد في الأجل وفي الخطر )) ، وكان ذلك قبل نزول التحليل والتحريم ، وحين كانت المخاطرة مباحة ، ففعل أبو بكر ذلك ، وظهرت الروم على فارس لتمام سبع سنين ، ففرح المسلمون يومئذ )) (¬2) .

والنصر الذي ذكر الله عز وجل أن المؤمنين به يفرحون .

فقد قيل: إنه نصر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ، بما أظهر له من الاعجاز الظاهر ، بإطلاعه على هذا الغيب الذي لا يعلمه إلا الله عز وجل ، لأن فيه آية بينة ، ودلالة واضحة على نبوته .

Page 240