168

فتأمل هذه الألفاظ ووقوعها مواقعها ، لتعلم شرف هذا الكلام ، وهل تجد لفظة لسوء أبدل مكانها غيرها ، فنابت منابها حسنا وعذوبة ورونقا ؟! ألا ترى أنه عز وجل لو قال: (( والكوكب إذا سقط )) ، أو (( إذا غرب )) ، أو قال: (( إذا أفل )) ، لم ينب في الحسن مناب قوله تعالى: { والنجم إذا هوى (1) } .

ورأيت في كلام الجهال أنه لو قال: (( والنجم إذا علا )) ، كان أولى . ولن يكون ذلك ، فمن له حاسة في هذا الباب . فبين اللفظتين في هذا الموضوع في باب الحلاوة والعذوبة ما لا يخفى على بصير .

ولو قال: (( ما زاغ نبيكم عن الهدى )) ، أو (( ما أخطأ رسولكم )) ، أو قال: (( ما حاد عن الرشد والهدى )) ، وما أشبه ذلك ، لم يغن غناء قوله عز وجل: { ما ضل صاحبكم وما غوى (2) } .

ولو قال : (( فهرب منها مذعورا )) ، أو قال: (( مرعوبا )) ، أو غير ذلك من الألفاظ التي تؤدي معناها ، لم يسد مسد قوله عز وجل: { فخرج منها خائفا يترقب } [القصص: 21] ، حلاوة وعذوبة .

ولو قيل: (( ولما أخذ على سمت مدين )) ، أو (( مضى حذاء مدين )) ، أو (( جهة مدين )) ، لم يقع موقع قوله عز وجل: { ولما توجه تلقاء مدين } [القصص: 22] . وكذلك عامة ألفاظ هذه الآيات ، فتأملها تجدها على ما أقول .

Page 222