155

أراني الخوف عدتهم ألوفا ... وكان القوم خمسا في ثلاث (¬1)

فلم يتفق لهم هذا الاختصار ولا هذه العذوبة .

وسمعت بعض أهل الأدب يحكي أن شاعرين كانا يتهاجيان فقال أحدهما في صاحبه: ...

يحسب كل صيحة عليه

فكاع (¬2) الآخر عنه ، وضعفت نفسه إعجابا بهذا البيت ، إحساسا من نفسه بالعجز عن مثله ، إلى أن عرف أنه أخذه من القرءان ، فتجرأ عليه ، وعادت له قوته ، وأخذ في مهاجاته .

ومن ذلك قوله عز وجل: { ولكم في القصاص حياة } [البقرة: 179] ، وقد أخذ هذا بعضهم فقال: (( وبعض القتل أحيا للجميع )) .

وقال غيره: (( القتل أفل للقتل )) . فلم يقع من ذلك موقع قوله: { ولكم في القصاص حياة } ، وتتبع هذا مما يطول .

وأما القسم الثاني من الاختصار فهو الذي يكون بالحذف ، وذلك يتنوع أنواعا كثيرة .

فمن ذلك أن يحذف (¬3) المضاف ويقام المضاف إليه مقامه ، كقوله عز وجل: { واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون (82) } [يوسف] ، أراد: أصحاب العير ، وأهل القرية .

Page 209