Itharat Targhib
إثارة الترغيب والتشويق إلى المساجد الثلاثة والبيت العتيق - الجزء1
Genres
الموضعين تطلب مغيثا عند ذلك الجهد، فلما سعت بين الصفا والمروة نزلت عليها الرحمة، وفرج الله عنها الكربة، وفجر لها وأنبع لها عينا معينا وهى زمزم شراب الأبرار، وكذلك من اقتدى بفعلها وعمل مثل عملها؛ يتوقع له الرحمة والمغفرة، ويخرج من مضيق عالم الكربة إلى فضاء عالم المغفرة كما رحمها الله تعالى وفرج عنها، وذلك أعظم الفرج إذ هى أعظم الكربة- قال الله عز وجل: إن الصفا والمروة من شعائر الله (1). فعظمهما الله تعالى وأعلمهم أنها من شعائر حجهم ونسبهما إليه.
ثم يخرج من مكة فى اليوم الثامن من ذى الحجة من الباكر إلى منى ليوافى بها صلاة الظهر، ويسمى هذا اليوم يوم التروية؛ لأنهم كانوا يتروون فيه من الماء ويحملون إلى منى وعرفات؛ لأنه ما كان فيهما من الآبار كما هى فيها الآن (2).
وقيل: لأن جبريل (عليه السلام) أرى إبراهيم (عليه السلام) مناسكه فى هذا اليوم.
وقيل: لأن آدم (عليه السلام) رأى حواء فيه بعد ما هبط إلى الأرض (3). والأول المشهور.
وينزل بمنى مع الناس اقتداء برسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ويستحب أن يقيم فيها يوم التروية ويصلى بها الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، ويبيت تلك الليلة بها حتى يصلى صلاة الصبح من يوم عرفة بها. وهذه البيتوتة ليست بواجبة، وإنما هى للاستراحة والهيئة؛ فإن فعلها فقد أحسن، وإن تركها فلا شىء عليه إلا أنه يكون مسيئا؛ حيث ترك الاقتداء بالنبى (صلى الله عليه وسلم)؛ وترك السنة مكروه إلا لضرورة (4).
فإذا صلى الصبح بها من يوم عرفة، يمكث هنيهة إلى أن تطلع الشمس على ثبير (5). وهو أعلى جبل بمنى. وإن راح قبل طلوع الشمس جاز؛ إلا أن الأفضل
Page 262