66

Ithar Haqq

إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٩٨٧م

Publisher Location

بيروت

الاذكياء والعارفون على مُرُور الدهور والقرون حَتَّى قَالَ الله تَعَالَى فِي كِتَابه الْمكنون ﴿فَبِأَي حَدِيث بعده يُؤمنُونَ﴾ فَمن ذَلِك مَا ذكره الامام الْمُؤَيد بِاللَّه ﵇ فِي كِتَابه فِي اثبات النبوات قَالَ ﵇ وَأَنْتُم إِذا تأملتم أَحْوَال الفترات الَّتِي كَانَت بَين آدم ونوح وابراهيم ومُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمّد ﷺ ازددتم معرفَة بِحسن تَدْبِير الله تَعَالَى لخلقه بابتعاث الرُّسُل وتجديده مَا درس أَو كَاد يدرس من الشَّرَائِع والملل وَأَنه ﷿ ابتعث حِين علم الصّلاح فِي الابتعاث وَمد الفترة حِين علم اقتران الْمصلحَة بهَا لِأَن الفترة على مَا يَقُوله بعض أهل التواريخ على اخْتِلَاف بَينهم فِيهِ وَالله أعلم بتحقيق ذَلِك كَانَت بَين آدم ونوح صلى الله عَلَيْهِمَا سَبْعمِائة عَام وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك كَذَلِك وَالله أعلم على مِقْدَار مَا يلوح لنا ويبلغه مِقْدَار أفهامنا أَن آدم هَبَط إِلَى الأَرْض وَهُوَ أَبُو الْبشر وَأول الانس وَلم يكن فِي زَمَانه شَيْء من الْكفْر وَعبادَة الاصنام وَلم يكن غَيره وَغير زَوجته حَوَّاء وأولادهما وَكَانُوا يعْرفُونَ حَاله فَلم يكن فِي أمره شكّ عِنْدهم لوضوح أمره وَظُهُور آيَاته وَقلة من بعث اليهم فامتد زمَان الفترة وَكَانَ بَينهمَا مَعَ شِيث ذَلِك وَإِدْرِيس ﵉ فاستحدث النَّاس الْكفْر وَعبادَة الْأَصْنَام وَاتَّخذُوا ودا وسواعا ويغوت ويعوق ونسرا فابتعث الله ﷿ نوحًا ﵇ يَدعُوهُم إِلَى التَّوْحِيد وخلع الْأَصْنَام والأنداد فَلبث فيهم كَمَا قَالَ الله تَعَالَى ﴿ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما﴾ فغرقهم الله بالطوفان حِين تمت عَلَيْهِم حجَّته وَعلم أَنه لَا يصلح مِنْهُم أحد كَمَا أوحى ذَلِك إِلَى نوح ﵇ ثمَّ كَانَت الفترة بَين نوح وَإِبْرَاهِيم ﵉ نَحْو سَبْعمِائة عَام وَإِنَّمَا كَانَت هَذِه الْمدَّة نَحْو ذَلِك لِأَن الْغَرق أعَاد حَال نوح إِلَى نَحْو حَال آدم صلى الله عَلَيْهِمَا وَسلم فِي ظُهُور أمره وَابْتِدَاء الْبشر مِنْهُ مَعَ أَنه لم يكن بَقِي من الْكفَّار أحد إِلَّا أَن النَّاس قد كَانُوا عرفُوا عبَادَة الْأَصْنَام واتخاذ الأنداد من دون الله ﷿ فَأَسْرعُوا بعده إِلَى الْكفْر وَعبادَة الْأَصْنَام وَكَانَ الله تَعَالَى قد بعث هودا إِلَى عَاد لما ازْدَادَ تمردهم وصالحا بعده إِلَى

1 / 74