Ithaf Dhawi Albab
إتحاف ذوي الألباب في قوله - تعالى -: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}
Publisher
منشورات منتديات كل السلفيين.
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢م.
وَاليَسَارَ (١) ثُمَّ الإِعْسَارَ وَعَكْسَهُ، وَالكُفْرَ ثُمَّ الإِسْلَامَ وَعَكْسَهُ، - وَهَلُمَّ جَرًّا (٢) -.
وَتَغَيُّرُ الإِنْسَانِ مِنْ حَالٍ وَإِثْبَاتُ حَالَةٍ أُخْرَى لَهُ - بَلْ وَتَغَيُّرُ سَائِرِ العَالَمِ -: مَعْلُومٌ بِضَرُورَةِ المُشَاهَدَةِ، وَالإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى الدُّعَاءِ بِمَحْوِ المَعْصِيَةِ وَزَوَالِهَا عَنِ المُرَائِي وَإِثْبَاتِ الطَّاعَةِ لَهُ، وَمَحْوِ المَرَضِ وَإِثْبَاتِ الصِّحَّةِ، وَمَحْوِ الجَهْلِ وَإِثْبَاتِ العِلْمِ.
وَأَمَّا عِلْمُ اللهِ - تَعَالَى - فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ أَصْلًا، وَمَعَاذَ (٣) اللهِ أَنْ يَكْتُبَ فِي اللَّوْحِ خِلَافَ مَا عَلِمَ، فَثَبَتَ أَنَّ التَّغَيُّرَ وَالمَحْوَ وَالإِثْبَاتَ إِنَّمَا هُوَ فِي المَعْلُومِ عَلَى حَسَبِ مَا عَلِمَهُ - تَعَالَى -.
فَتَأَمَّلْ - أَيَّدَكَ اللهُ - مَا لَمْ أَخَلْ (٤) أَنَّكَ تَرَاهُ مَسْطُورًا فِي كِتَابٍ - وَاللهُ تَعَالَى المَسْؤُولُ فِي التَّوْفِيقِ لِلصَّوَابِ -، وَتَسْتَرِيحُ مِنْ خِلَافِيَّاتٍ وَقَعَتْ فِي أَلْفَاظِ المُفَسِّرِينَ، لَا يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنْهَا عَمَّا حَقَّقْنَاهُ، وَلَا يُمْكِنُ العُدُولُ عَنْهُ، وَيَكَادُ أَنْ يَكُونَ الخِلَافُ لَفْظِيًّا؛ فَإِنَّهُ لَا يَسَعُ أَحَدًا إِنْكَارُ المَحْوِ وَالإِثْبَاتِ فِي العَالَمِ بِاعْتِبَارِ تَغْيِيرِهِ وَتَبَدُّلِهِ، وَلَا أَنْ يَقُولَ بِتَغَيُّرِ عِلْمِ اللهِ - تَعَالَى -، فَيَكُونَ
_________
(١) اليَسَارُ - هُنَا -: الغِنَى وَالسَّعَةُ وَالسُّهُولَةُ.
(٢) بِنَصْبِ الكَلِمَتَيْنِ عَلَى الدَّوَامِ، وَإِعْرَابُ هَذَا التَّرْكِيبِ مِنَ المُشْكِلِ، وَلَم يَعُدَّهُ بَعْضُهُمْ مِنَ التَّرَاكِيبِ العَرْبِيَّةِ المَحْضَةِ، وَمَنْ أَرَادَ الاسْتِزَادَةَ فَلْيَنْظُرِ «المَسَائِلَ السَّفَرِيَّةَ» لابْنِ هِشَامٍ (ص٣٢ - ٤٠).
(٣) بِالنَّصْبِ - دَائِمًا - عَلَى المَفْعُولِيَّةِ المُطْلَقَةِ؛ أَيْ: (أَعُوذُ بِاللهِ مَعَاذًا).
(٤) أَيْ: أَظُنّ؛ مِنْ (خَالَ يَخَالُ).
1 / 70