-201- خاص ذلك منها ، وكلها في دين الله يسع جهلها ما لم يخص حال التعبد فيها وبها ، وكلها متفقة غير متفرقة ، وليس شيء منها بأضيق من شيء ، ولا شيء منها بأوسع من شيء ، إذا جاء حال ضيقها .
فافهموا هذه المعاني والأصول فجميع ما تعبد الله عباده به أن يعرفوه ، على سبيل ما أوجب عليهم من معرفته ، لا على خلاف ذلك ، فمن خصه شيء من التعبد من معرفة الله وعلمه ، لم يعذره الله بما كلفه من العلم ، ولا ينفعه شيء سوى ما أوجب عليه من معرفته ، فمتى قصر عن ذلك العلم الذي خصه من معرفة الله ، على ما أوجب الله عليه ، لم ينفعه شيء مما قد علمه من معرفة الله ، إذا ضيع وقصر عن شيء مما قد خصه ، من كمال معرفة الله -تبارك وتعالى- ، ولم ينفعه ما عمل من طاعة الله ، ولو أكمل العمل بطاعة الله ، ولم يركب لله محرما قط ، مما نهاه الله عنه من الأفعال ولا من المقال ، بانتفاض ذلك الشيء من علم الله - تبارك وتعالى - ، لأنه أريد منه العلم فلم ينفعه غير العلم ، ولم ينفعه بعض العلم عند المحنة بغيره من العلم ، بما قد علم من العلم والمعرفة . وإذا وجب العمل الذي تعبده الله به في دين الله ، وفي علمه ، مما قد تقدم إليه في أصل دينه بالعمل به ، لم ينفعه إلا العمل بترك ذلك إذا كانت المحنة بالعمل ولم تنفعه المعرفة التي قد عرفها وعلمها ، ولو كان قد أكمل معرفة الله وأحكمها ، فغير معذور بتضييع شيء من العمل الذي ألزمه الله لموضع ما قد علم مما كلفه علمه ، ولا لموضع ما قد علم من بعض ما قد علمه ، حتى يعلم جميع ما كلفه الله علمه على حسب ما كلفه ، وكان بترك ذلك الشيء من العمل ، ناقضا للميثاق الذى أخذ عليه أن يعلمه .
فصل : فإذا ركب العبد شيئا مما قد نهاه الله عنه من معصيته ، لم ينتفع بأدائه لجميع ما كلفه من علمه له والعمل له ، إذا ركب به نهيه أو شيئا من نهيه ، ولو لم يضيع لله قط أمرا فيما تعبده فيه بالمعرفة ، والعمل بطاعته ، فالشيء الواحد من هذه المعاني التي كلفها العبد ، عند لزوم ذلك له ينقض
Page 202