347

Al-istiqāma

الاستقامة

Editor

د. محمد رشاد سالم

Publisher

جامعة الإمام محمد بن سعود

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٠٣

Publisher Location

المدينة المنورة

أما إِذا اعْتقد أَن هَذِه الْمحبَّة لله فإيمانه بِاللَّه يُقَوي هَذِه الْمحبَّة ويؤيدها وَلَيْسَ عِنْده إِيمَان يزعه عَنْهَا بل يجْتَمع فِيهَا دَاعِي الشَّرْع والطبع الْإِيمَان وَالْهدى وَذَلِكَ أعظم من شرب النَّصْرَانِي للخمر فَهَذَا لَا يَتُوب من هَذَا الذَّنب وَلَا يتَخَلَّص من وباله إِلَّا أَن يهديه الله
فَتبين لَهُ أَن هَذِه الْمحبَّة لَيست محبَّة لله وَلَا أَمر الله بهَا بل كرهها وَنهى عَنْهَا وَإِلَّا فَلَو ترك أحدهم هَذِه الْمحبَّة لم يكن ذَلِك تَوْبَة فَإِنَّهُ يعْتَقد أَن جِنْسهَا دين بِحَيْثُ يرضى بذلك من غَيره ويأمره بِهِ ويقره عَلَيْهِ وَتَركه لَهَا كَتَرْكِ الْمُؤمن بعض التطوعات والعبادات
وَلَيْسَ فِي دين الله محبَّة أحد لحسنه قطّ فَإِن مُجَرّد الْحسن لَا يثيب الله عَلَيْهِ وَلَا يُعَاقب وَلَو كَانَ كَذَلِك كَانَ يُوسُف ﵇ لمُجَرّد حسنه أفضل من غَيره من الانبياء لحسنه وَإِذا اسْتَوَى شخصان فِي الْأَعْمَال الصَّالِحَة وَكَانَ أَحدهمَا أحسن صُورَة وَأحسن صَوتا كَانَا عِنْد الله سَوَاء فَإِن اكرم الْخلق عِنْد الله أَتْقَاهُم يعم صَاحب الصَّوْت الْحسن وَالصُّورَة الْحَسَنَة إِذا اسْتعْمل ذَلِك فِي طَاعَة الله دون مَعْصِيَته كَانَ أفضل من هَذَا الْوَجْه كصاحب المَال وَالسُّلْطَان إِذا اسْتعْمل ذَلِك فِي طَاعَة الله دون مَعْصِيَته فَإِنَّهُ بذلك الْوَجْه أفضل مِمَّن لم يشركهُ فِي تِلْكَ الطَّاعَة وَلم يمْتَحن بِمَا امتحن بِهِ حَتَّى خَافَ مقَام ربه وَنهى النَّفس عَن الْهوى ثمَّ ذَلِك الْغَيْر إِن كَانَ لَهُ عمل صَالح آخر يُسَاوِيه بِهِ وَإِلَّا كَانَ الأول أفضل مُطلقًا

1 / 349