Istidhkar Jamic
الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار
Investigator
سالم محمد عطا، محمد علي معوض
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢١ - ٢٠٠٠
Publisher Location
بيروت
فَمَا بَالُ الشَّمْسِ تُجْلَدُ فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَطُّ حَتَّى يَنْخُسَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ فَيَقُولُونَ لَهَا اطْلَعِي اطْلَعِي فَتَقُولُ لَا أَطْلَعُ عَلَى قَوْمٍ يَعْبُدُونَنِي مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَأْتِيهَا مَلَكٌ عَنِ اللَّهِ يَأْمُرُهَا بِالطُّلُوعِ فَتَشْتَعِلُ لِضِيَاءِ بَنِي آدَمَ فَيَأْتِيهَا شَيْطَانٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّهَا عَنِ الطُّلُوعِ فَتَطْلَعُ بَيْنَ قَرْنَيْهِ فَيَحْرِقُهُ اللَّهُ عَنْهَا وَمَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَطُّ إِلَّا خَرَّتْ سَاجِدَةً فَيَأْتِيهَا شَيْطَانٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّهَا عَنِ السُّجُودِ فَتَغْرُبُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ فَيَحْرِقُهُ اللَّهُ تَحْتَهَا
وَذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ «مَا طَلَعَتْ إِلَّا بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَلَا غَرَبَتْ إِلَّا بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ»
وَقَدْ ذَكَرْنَا إِسْنَادَ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ هَذَا فِي «التَّمْهِيدِ»
وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَنَا عَلَى الْمَجَازِ وَاتِّسَاعِ الْكَلَامِ وَأَنَّهُ أُرِيدَ بِقَرْنِ الشَّيْطَانِ هُنَا أُمَّةٌ تَعْبُدُ الشَّمْسَ وَتَسْجُدُ لَهَا وَتُصَلِّي فِي حِينِ غُرُوبِهَا وَطُلُوعِهَا تَقْصِدُ بِذَلِكَ الشَّمْسَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَكْرَهُ التَّشَبُّهَ بِالْكُفَّارِ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِهِمْ وَيُحِبُّ مُخَالَفَتَهُمْ فَنَهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ لِذَلِكَ
وَهَذَا التَّأْوِيلُ جَائِزٌ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ مَعْرُوفٌ فِي لِسَانِهَا لِأَنَّ الْأُمَّةَ تُسَمَّى عِنْدَهُمْ قَرْنًا وَالْأُمَمَ قُرُونًا
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ) مَرْيَمَ ٧٤
(وَقُرُونًا بَيْنَ ذلك كثيرا) الفرقان ٣٨
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي»
وَجَائِزٌ أَنْ يُضَافَ الْقَرْنُ إِلَى الشَّيْطَانِ لِطَاعَتِهِمْ لَهُ
وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ الْكَفَّارَ حِزْبَ الشَّيْطَانِ
وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ تَأَوَّلَ هَذَا التَّأْوِيلَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ السُّلَمِيِّ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ فِي التَّمْهِيدِ وَفِيهِ «فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَأَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ عَلَى قَرْنِ الشَّيْطَانِ وَيُصَلِّي لَهَا الْكُفَّارُ
1 / 105