191

Al-Istidhkār

الاستذكار

Editor

سالم محمد عطا ومحمد علي معوض

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition

الأولى

Publication Year

1421 AH

Publisher Location

بيروت

Regions
Spain
بِهِ السَّيِّئَاتِ عَنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ رَحْمَةً مِنْهُ بِهِمْ وَتَفَضُّلًا عَلَيْهِمْ تَرْغِيبًا فِي ذَلِكَ
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَهُوَ الَّذِي قَدْ تُوُضِّئَ بِهِ مَرَّةً فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا لَا يُتَوَضَّأُ بِهِ وَمَنْ تَوَضَّأَ بِهِ أَعَادَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَاءٍ مُطْلَقٍ وَعَلَى مَنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ التَّيَمُّمُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِدٍ مَاءً
وَمِنْ حُجَّتِهِمْ عَلَى الَّذِينَ أَجَازُوا الْوُضُوءَ بِهِ عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهِ لِمَا كَانَ مَعَ الْمَاءِ الْقَرَاحِ غَيْرِ الْمُسْتَعْمَلِ كِلَا مَاءٍ كَانَ عِنْدَ عَدَمِهِ أَيْضًا كِلَا مَاءٍ وَوَجَبَ التَّيَمُّمُ
وَقَالَ بِقَوْلِهِمْ فِي ذَلِكَ أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ
وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِمَنْ وَجَدَ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ
وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ ﵇ «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ مِنَ الْجَنَابَةِ»
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَاءَ الدَّائِمَ الْكَثِيرَ الْمُسْتَعْمَلَ فِيهِ مِنَ الْجَنَابَةِ - لَا يَمْنَعُ أَحَدًا مِنَ الْغُسْلِ فِيهِ إِلَّا لِأَنَّهُ يَكُونُ مُسْتَعْمَلًا وَقَدْ أَدَّى بِهِ فَرْضٌ وَهُوَ دَائِمٌ غَيْرُ جَارٍ
وَأَمَّا مَالِكٌ فَقَالَ لَا يُتَوَضَّأُ بِهِ إِذَا غَيَّرَهُ مِنَ الْمَاءِ وَلَا خَيْرَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ إِذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ تَوَضَّأَ بِهِ وَلَمْ يَتَيَمَّمْ لِأَنَّهُ مَاءٌ طَاهِرٌ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ شَيْءٌ
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ جَائِزٌ لِأَنَّهُ مَاءٌ طَاهِرٌ لَا يَنْضَافُ إِلَيْهِ شَيْءٌ فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَ مُطَهِّرًا كَمَا هُوَ طَاهِرٌ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَعْضَاءِ الْمُتَوَضِّئِ بِهِ نَجَاسَةٌ فَهُوَ مَاءٌ طَاهِرٌ بِإِجْمَاعٍ
وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ الْمَاءَ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الْعُضْوِ الْوَاحِدِ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ أَحَدٌ فَكَذَلِكَ اسْتِعْمَالُهُ فِي عضو بعد عضو
وإلى هذا مذهب أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ
وَاخْتُلِفَ عَنِ الثَّوْرِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَالْمَشْهُورُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَأَظُنُّهُ أَنَّهُ حُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ هُوَ مَاءُ الذُّنُوبِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ خِلَافُ ذَلِكَ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ نَسِيَ مَسْحَ رَأْسِهِ فَقَالَ يَأْخُذُ مِنْ بَلَلِ لِحْيَتِهِ فَيَمْسَحُ بِهِ رَأْسَهُ وَهَذَا اسْتِعْمَالٌ مِنْهُ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ
وَقَدْ روي عن علي وبن عُمَرَ وَأَبِي أُمَامَةَ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ والحسن

1 / 201