ولأجل عدم وجود الدليل على انتقاض الوضوء بالرطوبة رجع العلامة فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ﵀ عن القول بانتقاض الوضوء بالرطوبة وكتب لي على بحث بعثت به إليه (راجعته فرأيت أقوى دليل على أن الرطوبة لا ينتقض بها الوضوء أن الأصل عدم النقض إلا بدليل) (١)
وبه احتج الشافعي ﵀ كما نقله عنه السرخسي قال: "وهذا إشارة إلى موضع الحدث لا عينه فدلَّ أن الحدث ما يكون من السبيل المعتاد، والمعنى فيه أن قليل الخارج من غير السبيل ليس بحدث بالاتفاق، وما يكون حدثًا، فالقليل منه والكثير سواء كالخارج من السبيل، والدليل عليه الريح إذا خرج من الجرح لم يكن حدثًا بخلاف ما إذا خرج من السبيل، وهذا لأن الشرع أقام المخرج مقام الخارج في ثبوت حكم الحدث فما لا يخرج منه إلا النجاسة جعل الخارج منه حدثًا ونجسًا، وما يختلف الخارج منه لم يكن حدثًا وإن خرج منه ما هو بنجس، تيسيرًا للأمور. (٢)
_________
(١) نشر البحث بتعليق الشيخ بخط يده وهو رحمة الله عليه آية في الاجتهاد والفقه تعلمنا منه وانتفعت به الأمة نفعا عظيما حشرنا الله به مع الصديقين
(٢) ينظر "المبسوط" للسرخسي ١/٧٦، وهذا القول جيد في هذه المسألة، وعليه فمخرج الرطوبة وهو المتصل بالرحم ليس مخرجًا للنجاسة ولا سبيلًا له، بل الخارج منه يختلف، فالمني طاهر والحيض نجس، والفم يختلف الخارج منه فالريق طاهر والقيء نجس. والله أعلم.
1 / 40