Islam Wa Hadara Insaniyya
الإسلام والحضارة الإنسانية
Genres
الماهن الكاهن المعادى
في نصر إبليس كل مسلم
وظن «السائحون» قديما من قبيل السائحين حديثا أن العالم الإسلامي مرق من الإسلام وانطفأت غيرة الإنسان على حوزته من قلوب المسلمين، ولكن العالم الإسلامي - هذا بعينه - قد وقف بعد ذلك بحقبة قصيرة في وجه الغارة الصليبية، وجاء بشعوبه من أقصى المشرق لرد الغارة بمثلها إلى قلب القارة الأوروبية.
ولما مضت على هؤلاء المسلمين في شرق القارة الأوروبية بضعة قرون خيل إلى بقايا الصليبيين أنهم قد «نضجوا» للتبشير، وقد أصبحوا على استعداد للنزول عن شريعتهم، كما نزلوا عن أحكام معاملاتهم في تلك الامتيازات «الأجنبية» التي سموها من أجل ذلك «بالتنازلات»
capitulations
أو التسليمات!
ولكن هذه التنازلات بعينها كانت بعد ذلك صيحة الثورة على السيطرة الأوروبية، حتى زالت الآن ورجعت عنها الدول الأوروبية بدلا من رجوع الإسلام بعدها عن غيرها من معالمه وتقاليده.
فإذا كان شيوع التقاليد الحديثة أحيانا باعثا من بواعث الأسف ودليلا من أدلة التهاون، فتلك حالة توجب على المسلمين، ولا ريب، أن يبدلوا بها ما هو أوفق منها للآداب الإسلامية، بل للآداب الإنسانية التي تخالفها التقاليد المعيبة كما تخالف حقيقة الإسلام.
ولكن التشاؤم منها يزيد على قدرة الصالح إذا خيل إلينا أنه تشاؤم من مصير الدين كله، ويزيد تفاؤل المتربصين به أيضا عن قدرة الصالح لهم إذا اعتبروه «عرضا إسلاميا» ولم يفهموا من حقيقته قبل ذلك أنه عرض أجنبي يسري من جانبهم ويوجب عليهم أن يتشاءموا لأنفسهم ولا يقصروا شؤمه على مستقبل الإسلام.
الفصل الحادي والعشرون
Unknown page