334

Mawqiʿ al-Islām Suʾāl wa-Jawāb

موقع الإسلام سؤال وجواب

Genres

طبيعة الحياة في القبر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قيل إن الميت يحيا في القبر، فهل هي نفس حياته الأولى، وكم حاسة ترجع إليه، وإلى كم تبقى حياته في القبر، وإذا كان الميت تُسأل جثته، فما مصير الذين يحرقون مثل الهندوس واليابان وغيرهم، وأين يتم سؤالهم؟ إن الطبيب عندما يجري العملية يبعد الحواس لدى الإنسان عنه بمخدر.. أما هذا الموت فإني أتساءل كيف هو؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولًا: ينبغي أن يعلم أن الواجب على كل مؤمن ومؤمنة: التصديق بما أخبر الله به في كتابه، أو على لسان رسوله ﷺ من جميع الأمور المتعلقة بالآخرة والحساب والجنة والنار، وفيما يتعلق بالموت والقبر وعذابه ونعيمه، وسائر أمور الغيب مما جاء في القرآن الكريم أو صحت به السنة المطهرة، فعلينا الإيمان والتسليم والتصديق بذلك، لأننا نعلم أن ربنا هو الصادق فيما يقوله سبحانه وفيما يخبر به جل وعلا، لقوله تعالى: (ومن أصدق من الله قيلًا) النساء/١٢٢، وقوله سبحانه: (ومن أصدق من الله حديثًا) النساء /٧٨. ونعلم أن رسول الله ﷺ أصدق الناس، وأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فما ثبت عنه في الأحاديث الصحيحة، وجب التصديق به وإن لم نعرف حقيقته. فالواجب علينا أن نصدق بما جاء به من أمر الآخرة وأمر الجنة والنار، ومن نعيم أهل الجنة وعذاب أهل النار وكون العبد في القبر يعذب أو ينعم، وترد إليه روحه، كل هذا حق جاءت به النصوص، فعلى العبد أن يسلم بذلك، ويصدق كل ما علمه من القرآن، أو صحت به السنة أو أجمع عليه علماء الإسلام.
ثم إذا من الله على المؤمن والمؤمنة بمعرفة الحكمة في ذلك والأسرار، فهذا خير إلى خير، ونور على نور وعلم على علم، فليحمد الله وليشكره على ما أعطاه من العلم والبصيرة في ذلك التي من الله بها عليه حتى زاد علمه، وزادت طمأنينته.
أما ما يتعلق بالسؤال في القبر، وحال الميت فإن السؤال حق، والميت ترد إليه روحه، وقد صحت بذلك الأخبار عن رسول الله ﷺ وحياة الميت في قبره غير حياته الدنيوية، بل هي حياة خاصة برزخية، ليست من جنس حياته في الدنيا التي يحتاج فيها إلى الطعام والشراب ونحو ذلك، بل هي حياة خاصة يعقل معها السؤال والجواب، فيسأله الملكان من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟
فالمؤمن يقول: ربي الله، والإسلام ديني، ومحمد نبيي هكذا يجيب المؤمن والمؤمنة، ويقال له: ما علمك بهذا الرجل؟ (محمد ﷺ فيقول: هو رسول الله، جاءنا بالهدى فآمنا به وصدقناه، واتبعناه، فيقال له: قد علمنا إن كنت لمؤمنًا، ويفتح له باب إلى الجنة، فيأتيه من روحها ونعيمها، ويقال: هذا مكانك حتى يبعثك الله إليه، ويرى مقعده من النار، ويقال له: هذا مكانك لو كفرت بالله، أما الآن فقد أعاذك الله منه وصرت إلى الجنة.
أما الكافر فإذا سئل عن ربه ودينه ونبيه، فإنه يقول: هاه هاه لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته، فيضرب بمرزبة من حديد فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلين: يعني الجن والإنس، وتسمعها البهائم، فيفتح له باب إلى النار، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه، ويكون قبره عليه حفرة من حفر النار، ويفتح له باب إلى النار يأتيه من سمومها وعذابها: ويقال: هذا مكانك حتى يبعثك الله إليه، ويفتح له باب إلى الجنة فيرى مقعده في الجنة، ويقال له: هذا مكانك لو هداك الله.
وبذلك يعلم أن القبر إما روضة من رياض الجنة أوإما حفرة من حفر النار. والعذاب والنعيم للروح والجسد جميعًا في القبر، وهكذا في الآخرة في الجنة أو في النار.
أما من مات بالغرق أو بالحرق أو بأكل السباع: فإن روحه يأتيها نصيبها من العذاب والنعيم، ويأتي جسده من ذلك في البر أو البحر، أو في بطون السباع ما شاء الله من ذلك، لكن معظم النعيم والعذاب على الروح التي تبقى؛ إما منعمة وإما معذبة، فالمؤمن تذهب روحه إلى الجنة، قال النبي ﷺ: (إن روح المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة، يأكل من ثمارها، والكافر تذهب روحه إلى النار) .
فالواجب على كل مسلم ومسلمة الاطمئنان إلى ما أخبر به الله ﷿، وأخبر به رسوله ﵊، وأن يصدق بذلك على الوجه الذي أراده الله ﷿، وإن خفي على العبد بعض المعنى، فلله الحكمة البالغة سبحانه.
[الْمَصْدَرُ]
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز ﵀. ص / ٣٣٨

1 / 333