199

Islam Q&A

موقع الإسلام سؤال وجواب

Genres

هل توفي عيسى ﵇؟ أين هو الآن؟ وتعليق على نقل من إنجيل " متى " [السُّؤَالُ] ـ[أرغب في معرفة الدليل على عدم وفاة نبي الله عيسى ﵇، وهل صح قوله ﵇ في إنجيل متى " لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام، وثلاث ليال، هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال "؟، وهل هذا دليل من الإنجيل على عدم وفاة نبي الله عيسى؟ وهل ظل نبي الله عيسى على الأرض للمدة نفسها التي قضاها يونس في بطن الحوت؟ وفقًا لمعلوماتي أن عيسى قضي يومين وليلتين فقط (ليلة السبت ويوم السبت، وليلة الأحد ويوم الأحد، ثم لم يجدوه في قبره، وفقًا لكلامهم)؟]ـ [الْجَوَابُ] الحمد لله أولًا: لا تستطيع أمة من الأمم - سوى أمة الإسلام - أن تثبت إسناد قصصها وتاريخها إلى نبيها؛ ذلك أن الله تعالى لم يتكفل بحفظ كتب الأديان التي قبل القرآن، وليس يوجد أمة من الأمم عنيت بالأسانيد قبل أمة الإسلام، لذا فإن كل ما ينقلونه من حوادث وأخبار عن نبيهم وتاريخهم السالف فهو مما لا يمكن إثباته، ولذا فإن دياناتهم اعتراها التحريف، والتقول، والكذب. وأما أمَّة الإسلام فإن الله تعالى قد أطلعها على شيء من أخبار من سلفها من الأمم، وعن بعض أحوال الأنبياء والرسل السابقين، وهي أخبار صدق، ليس ثمة ما يضادها إلا الافتراء والكذب. ومن الأخبار الغيبية التي عندنا خبرها الموثَّق، والتي اختلفت فيها الأقوال عند غيرنا: هو ما حصل مع نبي الله عيسى ﵇، حيث أخبرنا الله تعالى أنه لم يُقتل، ولم يُصلب، وأنه تعالى قد ألقى شبهه على غيره، وأن هذا الآخر هو الذي قتلوه، وصلبوه، وليس عيسى ﵇، وقد أخبرنا ربنا تعالى أنه رفعه إليه، وأنه سينزل في آخر الزمان، يقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ويحكم بالإسلام، وأما غيرنا ممن يدعي أنه من أتباعه فقد اختلفوا فيه اختلافًا عظيمًا، فمنهم من قال عنه إنه هو الله! ومنهم من زعم أنه ابن الله! وطائفة قليلة هم الذين شهدوا رفع عيسى ﵇ وإلقاء الشبه على غيره، وهم الذين لم يعتقدوا فيه أكثر من النبوة والرسالة. قال ابن كثير ﵀ في " تفسير ابن كثير " (٢ / ٤٧): " فإن المسيح ﵇ لمَّا رفعه الله إلى السماء: تَفَرَّقت أصحابه شيَعًا بعده، فمنهم من آمن بما بعثه الله به على أنه عبد الله، ورسوله، وابن أمَته، ومنهم من غلا فيه فجعله ابن الله، وآخرون قالوا: هو الله، وآخرون قالوا: هو ثالث ثلاثة، وقد حكى الله مقالاتهم في القرآن، ورَدَّ على كل فريق ... " انتهى. ثانيًا: عدم صلب المسيح عيسى ﵇، وعدم قتله: عقيدة عند أهل السنَّة والجماعة، ومصدر هذا الاعتقاد نصوص القرآن الواضحة البيِّنة، ولم يخالف في هذا أحد من أهل الإسلام، ومن خالف فيه كان مرتدًّا. سئل علماء اللجنة الدائمة: هل عيسى بن مريم حي أو ميت؟ وما الدليل من الكتاب أو السنَّة؟ إذا كان حيًّا أو ميتا: فأين هو الآن؟ وما الدليل من الكتاب والسنَّة؟ . فأجابوا: " عيسى بن مريم ﵊ حيٌّ، لم يمت حتى الآن، ولم يقتله اليهود، ولم يصلبوه، ولكن شبِّه لهم، بل رفعه الله إلى السماء ببدنه وروحه، وهو إلى الآن في السماء، والدليل على ذلك: قول الله تعالى في فرية اليهود والرد عليها: (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا. بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) النساء/ ١٥٧، ١٥٨. فأنكر سبحانه على اليهود قولهم إنهم قتلوه وصلبوه، وأخبر أنه رفعه إليه، وقد كان ذلك منه تعالى رحمةً به، وتكريمًا له، وليكون آية من آياته التي يؤتيها من يشاء من رسله، وما أكثر آيات الله في عيسى ابن مريم ﵇ أولًا وآخرًا، ومقتضى الإضراب في قوله تعالى: (بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ): أن يكون سبحانه قد رفع عيسى ﵊ بدنًا وروحًا حتى يتحقق به الرد على زعم اليهود أنهم صلبوه وقتلوه؛ لأن القتل والصلب إنما يكون للبدن أصالة؛ ولأن رفع الروح وحدها لا ينافي دعواهم القتل والصلب، فلا يكون رفع الروح وحدها ردًّا عليهم؛ ولأن اسم عيسى ﵇ حقيقة في الروح والبدن جميعًا، فلا ينصرف إلى أحدهما عند الإطلاق إلا بقرينة، ولا قرينة هنا؛ ولأن رفع روحه وبدنه جميعًا مقتضى كمال عزة الله، وحكمته، وتكريمه، ونصره مَن شاء مِن رسله، حسبما قضى به قوله تعالى في ختام الآية (وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) . الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود. " انتهى "فتاوى اللجنة الدائمة" (٣ / ٣٠٥، ٣٠٦) . وانظر تفصيلًا أوفى في المرجع نفسه: (٣ / ٢٩٩ – ٣٠٥) . وانظر اعتقاد المسلمين في المسيح ﵇ في جواب السؤال رقم: (٤٣١٤٨) . وفي جواب السؤال رقم: (١٠٢٧٧) تجد نبذة عن نبي الله عيسى ﵇. وفي جواب السؤال رقم: (١٢٦١٥) تجد حوارًا مع نصراني حول صلب المسيح. وفي جواب السؤال رقم: (٤٣٥٠٦) تجد إجابة عن إشكالات في آيات حياة المسيح ﵇ وموته. ثالثًا: أما فيما يتعلق بقبر المسيح وخروجه منه، وتشبيه تلك الآية بآية يونس ﵇: فقد تولَّى نقد هذه المسائل، وبيان ضلالها، وتنقضها: علماؤنا المختصون فبيَّنوا ما فيها من جهل، وتناقض. قال الهندي – ﵀ – معلِّقًا على الفقرة الواردة في السؤال -: فطلب الكتبة والفريسيون معجزة، فما أظهرها عيسى ﵇ في هذا الوقت، وما أحالهم إلى معجزة صدرت عنه فيما قبل هذا السؤال، بل سبَّهم، وأطلق عليهم لفظ " الفاسق " و" الشرير "، ووعد بالمعجزة التي لم تصدر عنه، لأن قوله " كما كان يونان في بطن الحوت الخ ": غلط، بلا شبهة - كما علمت في الفصل الثالث من الباب الأول -. وإن قطعنا النظر عن كونه غلطًا: فمطلق قيامه لم يره الكتبة، والفريسيون بأعينهم، ولو قام عيسى ﵇ من الأموات: كان عليه أن يُظهر نفسه على هؤلاء المنكرين الطالبين آية ليصير حجة عليهم، ووفاء بالوعد، وهو ما أظهر نفسه عليهم، ولا على اليهود الآخرين، ولو مرة واحدة، ولذلك لا يعتقدون هذا القيام، بل هم يقولون من ذاك العهد إلى هذا الحين: أن تلاميذه سرقوا جثته من القبر ليلًا. " إظهار الحق " (٤ / ١٣١٢) . وللشيخ أحمد ديدات ﵀ ثلاثة كتب في الباب نفسه، وهي: " ماذا كانت آية يونان؟ " و" قيامة أم إنعاش؟ " و" من دحرج الحجر؟ "، فانظرها. وليس ثمة قيمة – أصلًا – لنقولاتهم، فقد دخلها التحريف والتبديل، وقد احتوت على الافتراءات والأباطيل، ومع ذلك فقد أبان علماؤنا عن عوارها. وأخيرًا: ننصح الأخ السائل – وغيره ممن يقرأ هذه الكلمات – أن ينشغل بتعلم دينه، ويتقوى في طاعة ربه تعالى، وأن يصرِف نفسه عن تتبع ضلالات الفرَق والأديان، فتلك معركة لها فرسانها، ولا مانع أن يكون منهم، لكن يحتاج هذا لخبرة علمية، وطول نفس في طلب العلم، ومعرفة الحق بدليله، ونسأل الله تعالى أن يوفق المسلمين لما فيه خير دينهم ودنياهم. والله أعلم [الْمَصْدَرُ] الإسلام سؤال وجواب

1 / 198