التحمل والضبط والمقابلة بما تقدم جازت الرواية منه، وكذا إن غاب عنه [الكتاب] (^١) إذا كان الغالب سلامته من التغيير، ولا سيما إن كان ممن لا يخفى عليه تغييره غالبًا.
النوع الخامس:
في آداب الراوي (^٢).
اعلم أن علم الحديث علم شريف، يناسب مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم، وهو من علوم الأخرة، فمن حرمه حرم خيرًا كثيرًا، ومن رزقه مع حسن النية [فقد نال أجرًا كبيرًا، فعلى مُعانِيه تصحيح النية] (^٣) وإخلاصها وتطهير القلب من الاغراض الدنيوية من رياسة أو طلب مال أو غير ذلك مما لا يراد به وجه الله تعالى.
قال سفيان الثوري (^٤): كان الرجل إذا أراد أن يطلب الحديث تعبَّد قبل ذلك عشرين سنة.
قال أبو محمد ابن خلاد (^٥): المستحب للمتصدي لإسماع الحديث أن يبلغ خمسين، لأنها انتهاء الكهولة وفيها يجتمع الأشد.
(٢٣/أ) قال: وليس بمنكر أن يحدِّث عند استيفاء الأربعين؛ لأنها حد الاستواء ومنتهى الكمال.
وأنكر القاضي عياض (^٦) على ابن خلاد ذلك؛ لأن جماعة من السلف نشروا علمًا لا يحصى ولم يبلغوا ذلك، والحق أنه متى احتيج إلى ما عنده استحب له التصدي
(^١) - من "الخلاصة في معرفة الحديث" وعنه ينقل المؤلف نصًّا.
(^٢) - ينظر "الخلاصة في معرفة الحديث" للطيبي (صـ ١٦٧)
(^٣) - ساقط من (أ).
(^٤) - أخرجه الخطيب في "الكفاية" (صـ ٥٤).
(^٥) - "الإلماع" للقاضي عياض (صـ ٢٠٠)
(^٦) - انظر الموضع السابق.