والغضب المجبول عليهما البشر، وعبادة الملائكة مع تجردهم عنها، والعبادة أفضل لشدتها ومشقتها/٦٠ أ/م] فالعابد أفضل.
السادس: أن إبليس وهاروت وماروت كانوا من خيار الملائكة، وصدر عنهم ما لم يصدر مثله أو بعضه إلا عن شرار بني آدم، والحجاج من الطرفين كثير.
وذهب قوم إلى أن خواص البشر أفضل من الملائكة والملائكة أفضل من عامة البشر.
﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اِسْتَنْكَفُوا وَاِسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذابًا أَلِيمًا وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا﴾ (١٧٣) [النساء: ١٧٣] يحتج به المعتزلة، إذ لو كانت أعمالهم مخلوقة له لكان منه العوض والمعوض وقد سبق هذا وجوابه.
﴿يا أَيُّهَا النّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا﴾ (١٧٤) [النساء:
١٧٤] يحتمل وجهين:
أحدهما: أنه يعني القرآن برهان أي حجة لله-﷿-على خلقه، لما اشتمل عليه من حجج التوحيد والنبوات، وغير ذلك، ويحتمل أنه برهان لمحمد ﷺ على رسالته، وتقريره أن القرآن معجز، وكل معجز برهان على صدق من جاء به، فالقرآن برهان على صدق من جاء به، وهو محمد ﷺ، وقد سبق تقرير كونه معجزا فيما أقول وهو ظاهر.
واعلم أن القرآن من حيث هو حجة لله-﷿-ولرسوله يسمى برهانا، ومن حيث هو مرشد للخلق إلى مصالح معاشهم ومعادهم كاشف عنهم للعمى قائد لهم إلى الهدى يسمى نورا.
﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ اِمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اِثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالًا وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (١٧٦) [النساء: ١٧٦]، أي يبين لكم طريق الهدى. لئلا تضلوا، وقيل: يبين طرق الضلال لتجتنبوها من باب قول القائل:
عرفت الشر ولا للشر، لكن لتوقيه، والله-﷿-أعلم بالصواب.
...