270

Al-Ishāʿa li-ashrāṭ al-sāʿa

الإشاعة لأشراط الساعة

Publisher

دار المنهاج للنشر والتوزيع

Edition

الثالثة

Publication Year

١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م

Publisher Location

جدة - المملكة العربية السعودية

Genres

لصار كتابًا مُستقلًا، إلا أني أعرضت عنه صفحًا؛ لقوله تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾.
فبطل قول القائل، بل وكفر فيما ظهر، لاسيما فيما أبرز بالنسبة إلى نبي الله عيسى ﵇ المُجمع على نبوته سابقًا ولاحقًا، فمن قال بسلب نبوته كفر حقًا؛ كما صرح به الإمام السيوطي؛ فإن النبي لا يَذْهَبُ عنه وصف النبوة ولا بعد موته.
وأما حديث: "لا وحي بعدي" فباطلٌ لا أصل له.
نعم؛ ورد: "لا نبي بعدي"، ومعناه عند العلماء: أنه لا يحدث بعده نبي بشرع يَنْسَخُ شرعه.
وقد صرح الإمام السبكي في تصنيفٍ له: أن عيسى ﵇ يحكم بشريعة نبينا ﷺ بالقرآن والسُّنَّة (١)، وحينئذ يترجح أن أخذه للسُّنَّة من النبي ﷺ بطريق المشافهة من غير واسطة، أو بطريق الوحي والإلهام.
وقد رُوي عن أبي هريرة ﵁ أنه لما أكثر الحديث، وأنكر عليه الناس قال: لئن نزل عيسى ابن مريم قبل أن أموت لأحدثنه عن رسول الله ﷺ فيصدقني.
فقوله: (فيصدقني) دليلٌ على أن عيسى ﵇ عَالِمٌ بجميع سُنَة النبي ﷺ، من غير احتياج إلى أن يأخذها عن أحدٍ من الأمة، حتى إن أبا هريرة ﵁ الذي سمع من النبي ﷺ احتاج إلى أن يلجأ إليه؛ ليُصدقه فيما رواه ويزكيه.
فإن قلت: هل ثبت أن عيسى ﵇ بعد نزوله يأتيه الوحي؟
فالجواب: نعم؛ ثبت في حديث النواس بن سمعان ﵁ عند مسلم وغيره، فإن فيه: "فيقتل عيسى الدجال عند باب لُدّ الشرقي، فبينما هم كذلك إذ أوحى الله تعالى إلى عيسى ابن مريم: أني قد أخرجت عِبادًا من عبادي لا يَدَانِ لك بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور. . ." الحديث.

(١) وقريبًا منه ما في "الفتاوى الحديثية" لابن حجر (ص/ ١٣١ ص ١٣٢). (ز).

1 / 278