29

Is'aaf Al-Akhyaar Bimaa Ishtahara Wa Lam Yasih Min Al-Ahaadeeth Wal-Aathaar Wal-Qasas Wal-Ash'ar

إسعاف الأخيار بما اشتهر ولم يصح من الأحاديث والآثار والقصص والأشعار

Publisher

مكتبة الأسدي-مكة المكرمة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م

Publisher Location

السعودية

Genres

إن هذا الخطاب الحار لا يدعوك لترك الجميل وعدم الإحسان للغير، وإنما يوطنك على انتظار الجحود، والتنكر لهذا الجميل والإحسان، فلا تبتئس بما كانوا يصنعون، ﴿أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ﴾ ﴿المجادلة: ٦﴾. اعمل الخير لوجه الله تعالى، لأنك الفائز على كل حال، في الحال وفي المآل وليكن على بالك دائما قوله ﷺ: (خير الناس أنفعهم للناس) (^١). ثم لا يضر غمط من غمطك، ولا جحود من جحدك، واحمد الله لأنك المحسن، وهو المسيء، واليد العليا خير من اليد السفلى ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ … جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (٩)﴾ ﴿الإنسان: ٩﴾. وقد ذهل كثير من العقلاء عن جبلَّة الجحود عند الغوغاء، وكأنهم ما سمعوا الوحي الجليل، وهو ينعي على الصنف عتوه وتمرده ﴿مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ﴾ ﴿يونس: ١٢﴾. لا تفجأ إذا أهديت بليدًا قلمًا فكتب به هجاءك ظلمًا، أو منحت جافيًا عصًا يتوكأ عليها ويهش بها على غنمه، فشج بها رأسك، هذا هو الأصل عند كثير من هذه البشرية المحنطة في كفن الجحود مع باريها جلَّ في علاه، فكيف بها معي ومعك ﴿وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ ﴿الأعراف: ١٧﴾.

(^١) رواه القضاعي وغيره عن جابر ﵁، وحسنه العلامة الألباني في "صحيح الجامع" (٣٢٨٩).

1 / 35