253

Irshad Qulub

إرشاد القلوب - الجزء2

Genres

شبك بين أصابعه فوضعها على بطنه وقال:

معاشر الناس سلوني قبل أن تفقدوني، هذا سفط العلم، هذا لعاب رسول الله، هذا ما زقني رسول الله (صلى الله عليه وآله) زقا زقا، سلوني فإن عندي علم الأولين والآخرين، أما والله لو ثنيت لي الوسادة فجلست عليها لأفتيت أهل الانجيل بانجيلهم، وأهل التوراة بتوراتهم(1)، حتى ينطق التوراة والانجيل فيقولا: صدق علي ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل الله عزوجل فينا، وأفتيت أهل القرآن بقرآنهم حتى ينطق القرآن فيقول: صدق علي ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل الله في، ولولا آية من كتاب الله لأخبرتكم بما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة، وهي قوله تعالى: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب} (2).

ثم قال: سلوني قبل أن تفقدوني، فوالذي فلق الحبة وبرئ النسمة لو سألتموني عن آية آية في ليل نزلت أم في نهار، مكيها ومدنيها، سفرها وحضرها، ناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، وتأويلها وتنزيلها لأخبرتكم.

فقام إليه رجل يقال له: "ذعلب" وكان ذرب اللسان، بليغا في الخطب، شجاع القلب قال: لقد ارتقى ابن أبي طالب مرقاة صعبة، لأخجلنه اليوم لكم بمسألتي إياه، فقال: يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك؟ قال: ويلك يا ذعلب لم أكن أعبد ربا لم أره، قال: فكيف رأيته صفه لنا؟ قال: ويلك لم تره العيون بمشاهدة الأبصار(3) ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان.

ويلك يا ذعلب ان ربي لا يوصف بالبعد [ولا بالقرب](4) ولا بالحركة ولا بالسكون، ولا بقيام فيقال: انتصب، ولا بجيئة ولا بذهاب، لطيف اللطف لا يوصف

Page 258