وأما سؤالك عن الماء الذي ليس من الأرض ولا من السماء، فذلك الذي بعثه بلقيس إلى سليمان بن داود (عليه السلام)، وهو عرق الخيل إذا جرت في الحروب، وأما سؤالك عما يتنفس ولا روح له فذلك الصبح إذا تنفس، وأما سؤالك عن عصى موسى مما كانت وما طولها وما اسمها وما هي، فإنها كان يقال لها البرنية، وتفسير البرنية الزائدة(1)، وكان إذا كانت فيها الروح زادت وإذا خرجت منها الروح نقصت، وكانت من عوسج، وكانت عشرة أذرع، وكانت من الجنة أنزلها جبرئيل (عليه السلام) على شعيب (عليه السلام).
وأما سؤالك عن جارية تكون في الدنيا لأخوين وفي الآخرة لواحد، فتلك النخلة هي في الدنيا لمؤمن مثلي ولكافر مثلك ونحن من ولد آدم، وفي الآخرة للمسلم دون المشرك وهي في الجنة ليست في النار، وذلك قوله عزوجل: {فيهما فاكهة ونخل ورمان} (2).
ثم طوى الكتاب وأنفذه، فلما قرأه قيصر عمد إلى الاسارى واختارهم ودعا أهل مملكته إلى الإسلام والايمان بمحمد (صلى الله عليه وآله)، فاجتمعت عليه النصارى وهموا بقتله، فجاء بهم(3) فقال: يا قوم إني أردت أن اجربكم، وإنما أظهرت منه ما أظهرت لأنظر كيف تكونون، فقد حمدت الآن أمركم عند الاختبار، فسكنوا(4) واطمأنوا فقالوا: كذلك الظن بك.
وكتم قيصر اسلامه حتى مات وهو يقول لخواص أصحابه ومن يثق به: إن عيسى (عليه السلام) عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، ومحمد (صلى الله عليه وآله) نبي بعد عيسى، وان عيسى بشر أصحابه بمحمد صلى الله عليه
Page 248