ولكن العباد يُسألون عن أعمالهم، كما قال الله جل وعلا: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الحجر:٩٢ - ٩٣].
قوله: «قال الله تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر:٤٩]»: وهذه الآية العظيمة من أدلة إثبات القدر، ومعناها: إنا خلقنا كل شيءٍ بقدر، فـ (كُلَّ): مفعول به منصوب، وناصبه: فعل محذوف دل عليه الفعل المذكور، ويُسمى هذا النوع في علم النحو: (الاشتغال) (١).
قوله: «وقال تعالى: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾ [الفرقان:٢]»: وجعل له قدْرًا، كما في الآية الأخرى: ﴿قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ [الطلاق:٣].
قوله: «وقال تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا﴾ [الحديد:٢٢]»: نبرأها: أي نوجدها.
فما يقع في الأرض ولا في النفوس من مصيبة إلا وهي مكتوبة قبل وجودها.
قوله: «وقال تعالى: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا﴾ [الأنعام:١٢٥]»: فمن أراد الله به الخير نور قلبه، وشرح صدره، كما قال سبحانه: ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الزمر:٢٢]، وإذا أراد الله
(١) ينظر أوضح المسالك شرح ألفية ابن مالك لابن هشام (٢/ ١٤١).