Al-Irshād ilā Najāt al-ʿIbād liʾl-ʿAnsī
الإرشاد إلى نجاة العباد للعنسي
وإنما نهى عن ذمها من نسب أفعاله القبيحة إليها، وأفعال الله المنفورة عنها إليها، فأما من ذمها بمعنى: أنه أخبر بحقارتها وهوانها على ربها، وسرعة زوالها وتنقلها ؛ لئلا يغتر بظاهر زخرفها، فلا حرج عليه في ذمها كذلك.فقد ذمها من هو أعلم بها، ووصفها بالاستحقار خالقها وربها، قال تعالى: {إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء}(1) الآية وقال: {وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور}(2).
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما كان لله منها)(3).
وعن على عليه السلام ( الدنيا جيفة فمن أرادها وطلبها فليصبر على مخالطة الكلاب)(4).
ويروى (الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، ولها يجمع من لا عقل له، وشهواتها يطلب من لا فهم له، وعليها يعادي من لا علم له، وعليها يحسد من لا فقه له، ولها يطرب من لا بقاء له).
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (ما الدنيا إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بم يرجع)(5).
ولعلى عليه السلام:
ومن يصحب الدنيا يكن مثل قابض على الماء خانته فروج الأصابع
وعن محمد بن الحنفية (من كرمت نفسه عليه صغرت الدنيا في عينه).
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (من أصبح حزينا على الدنيا أصبح ساخطا على الله تعالى).(6)
وعن عامر بن عبد القيس قال: "لو أعطيت الدنيا بحذافيرها رددتها بعيوب ثلاثة ؛ لأنها عقوبة آدم، وجنة الكافر، ومجاورة إبليس".
ولبعضهم "الدنيا غرارة مكارة لو بقيت لها لم تبق لك، وإن بقيت لك لم تبق لها".
شعر لأبي العتاهية:
فكرت في الدنيا وجدتها فإذا جميع جديدها يبلى
وإذا لها ثوب يعد لنا في كل موضع نظرة أفعى وبلوت أكثر أهلها فإذا كل امرؤ في شأنه يا رب
Page 309