269

Iʿrāb al-Qurʾān wa-bayānuh

إعراب القرآن وبيانه

Publisher

دار الإرشاد للشئون الجامعية - حمص - سورية،(دار اليمامة - دمشق - بيروت)

Edition

الرابعة

Publication Year

١٤١٥ هـ

Publisher Location

(دار ابن كثير - دمشق - بيروت)

Genres

أي أنه لما برد سوارها، آخر الليل، علمت أن نسمة الفجر طلعت، فأحميت قلائدها بالعناق كي تصير القلائد مكذبة لما أشار إليه السوار من طلوع الفجر المؤذن بالفراق، فعدل عن التصريح بذلك الى برد السوار لينقل الذهن الى هبوب نسمة الفجر المؤذنة بالفراق والداعية له، وقد اشتهرت الكناية في أحاديث النبي ﵊ تصوّنا منه وترفعا، فمما جاء من هذا الديباج قوله:
«إن امرأة كانت فيمن كان قبلنا، وكان لها ابن عمّ يحبها فراودها عن نفسها، فامتنعت عليه، حتى إذا أصابتها شدة فجاءت إليه تسأله فراودها، فمكنته من نفسها، فلما قعد منها مقعد الرجل من المرأة قالت له: لا يحلّ لك أن تفض الخاتم إلا بحقه، فقام عنها وتركها» وهذه كناية واقعة موقعها. ومن ذلك أيضا قول النبي ﷺ: «رويدك سوقك بالقوارير» يريد بذلك النساء فكنّى عنهن بالقوارير، وذلك أنه كان في بعض أسفاره، وغلام أسود اسمه أنجشة يحدو فقال له: يا أنجشة رويدك سوقك بالقوارير.
ومن الكناية أيضا في هذه الآية قوله: «فالآن باشروهن» والمباشرة في قول الجمهور الجماع، وقيل الجماع فما دونه. وهو مشتقّ من تلاصق البشرتين، فيدخل فيه المعانقة والملامسة.
٢- التشبيه البليغ فقد شبه أول ما يبدو من الفجر المعترض في الأفق بالخيط الأبيض الممدود، وما يمتدّ من غبش الليل بالخيط الأسود الممدود، وهو تشبيه مألوف كثيرا. ولو لم يذكر من الفجر لكان استعارة تصريحية، ولكن ذكر المشبّه أعاده الى التشبيه البليغ المحذوف الأداة.

1 / 273