Iqlim Muqaddima Qasira

Shayma Taha Raydi d. 1450 AH
50

Iqlim Muqaddima Qasira

الإقليم: مقدمة قصيرة

Genres

والواقع أن بنفينستي، وهو نائب سابق لعمدة القدس، قد وصف التكوين الإقليمي الناشئ كعملية تصادم ل «حيز ثلاثي الأبعاد في ستة أبعاد؛ ثلاثة يهودية وثلاثة عربية.» وتمتد السياسة الجغرافية للعمودية إلى المجال الجوي وإلى الحيز تحت السطح؛ فإسرائيل تسيطر على المجال الجوي فوق الضفة الغربية، وتستغل هيمنتها على المجال الجوي والطيف الكهرومغناطيسي من أجل إنزال شبكة من الرقابة وتحديد حالات الإعدام التي تحدث على أرض الإقليم.

يمارس جيش الدفاع الإسرائيلي حاليا سيطرة كاملة على المجال الجوي للضفة الغربية. في معاهدة كامب ديفيد، وافقت إسرائيل على مفهوم دولة فلسطينية، إلا أنها طالبت بالسيادة على المجال الجوي فوقها في سياق التوصل إلى حل نهائي. وفي أثناء مفاوضات أوسلو وكامب ديفيد أصرت إسرائيل على السيطرة على الموارد الباطنية في سياق أي حل دائم. ولأول مرة يرد ذكر شكل جديد من السيادة الباطنية، التي تفتت أساسيات السيادة القومية، في اتفاقية أوسلو المؤقتة. (وايزمان 2002) (4-7) منطقة التماس والجدار

كانت أحدث الإضافات لمنظومة السيطرة الإقليمية الإسرائيلية هي «الجدار العازل»، أو بتعبير واضح وبسيط «الجدار» (بتسلم 2003ب؛ كوك 2003؛ ليفي 2003؛ بيري 2003). هذا الجدار عبارة عن بناء من الخرسانة والفولاذ والأسلاك الشائكة يبلغ ارتفاعه 25 قدما، بدأ بناؤه في عام 2002، وحين يكتمل سوف يمتد لأكثر من 600 كيلومتر عبر الضفة الغربية. يقال إنه يشبه في الشكل «شريطا من المضايق النرويجية» (رابابورت 2003) نظرا للتعاريج والمنعطفات والحلقات التي تعكس القرارات التي لا تحصى بشأن ما ومن سيتم توطينه غرب وشرق البناء. والهدف المعلن للجدار هو منع دخول الإرهابيين إلى أرض إسرائيل، ولكن الجدار لا يتبع الخط الأخضر، وفي بعض الأماكن يخترق الأراضي المحتلة. وحين يتم الانتهاء منه سيكون عشرات الآلاف من الفلسطينيين وعدة قرى كاملة واقعين شرق الخط الأخضر، ولكن الجهة الغربية من الجدار تقع داخل إقليم غير منتظم على نحو مفرط يسمى «منطقة التماس» (بتسلم 2003ب). على سبيل المثال: سوف يعزل الجدار فلاحي باقة الشرقية وبرطعة الشرقية:

عن إخوانهم الفلسطينيين في الضفة الغربية، ومن أجل الذهاب إلى جنين لشراء أو بيع شيء ما، سوف يضطرون لاجتياز معبر حدودي، ليس واضحا متى وأين سيكون. وليس واضحا أيضا كيف سيحصلون على الخدمات الأساسية مثل المدارس أو الخدمات الصحية من السلطة الفلسطينية، التي ستكون على الجانب الآخر من الجدار. وبينما لن يكون هناك جدار بينهم وبين إسرائيل، فإنهم سينظر إليهم في إسرائيل باعتبارهم مقيمين غير شرعيين، ولا توجد نية لضمهم أو تحويلهم إلى مواطنين إسرائيليين. (رابابورت 2003)

وليس من باب المصادفة أن نحو 40 بالمائة من المنطقة الزراعية بالضفة الغربية وثلثي مواردها المائية سيكون على الجانب الإسرائيلي من الجدار. كما أن بعض القرى سوف تشطر إلى نصفين بفعل الجدار، وسوف تكون منازل العديد من المزارعين على جانب وحقولهم وبساتينهم على الجانب الآخر. وستكون بعض المنازل محاطة على نحو شبه كامل بالجدار (آرتشر 2004)، وستكون للجدار بوابات مغلقة لا يمكن فتحها إلا بواسطة أفراد الجيش. وتفيد منظمة بتسلم بأن:

جميع الفلسطينيين فوق سن العشرين الذين يعيشون في منطقة التماس، سوف يتعين عليهم الحصول على «تصريح إقامة دائم» من الإدارة المدنية لتمكينهم من مواصلة العيش في ديارهم. والفلسطينيون الذين سيقابل طلبهم بالرفض قد يناقشون قضيتهم أمام لجنة عسكرية؛ فإذا رفضت اللجنة الاستئناف، فلا بد أن يغادروا بيوتهم. سوف يكون على الفلسطينيين الذين يملكون أراضي زراعية في منطقة التماس تقديم «وثائق تشير إلى حق المدعين في الأرض»؛ وسيكون على المعلمين في القرى الواقعة في منطقة التماس تقديم شهادات تثبت أنهم معلمون معتمدون. ولا بد أن تشير التصاريح إلى بوابة معينة لا بد أن يعبر منها حامل التصريح، والأوقات من اليوم التي يسمح خلالها لحامل التصريح بالمرور. أما المبيت في منطقة التماس، وإدخال مركبة إلى المنطقة، ونقل بضائع إلى داخل المنطقة، فيستلزم تصاريح منفصلة. (بتسلم 2003ب)

وكما كتب ميرون رابابورت: «الشيء الوحيد الذي تبقى للفلسطينيين هو العيش في حظائر ضخمة، والعمل في المناطق الصناعية التي سيجري بناؤها بلا شك في المستوطنات، بالقرب من الفتحات المؤدية إلى الحظائر» (2003). (5) ملاحظات ختامية

لقد تتبع هذا الفصل تطور بعض من المكونات الأساسية لواحدة من أكثر منظومات السيطرة التي تتخذ طابعا إقليميا مركزا وضع على الإطلاق، وكان هدفه هو تقديم مثال توضيحي مفصل للعديد من الموضوعات التي جرت مناقشتها في الفصول السابقة. وفي سياق تكوين منظومة السيطرة الإقليمية الإسرائيلية، وإعادة تكوينها، وتشغيلها؛ يمكن رؤية الدور الجوهري للعديد من الأيديولوجيات والأساليب الخطابية (السيادة، القوميات، الملكية، الاستعمارية، الأصوليات الدينية، حقوق الإنسان)، والتفاعل بين الهياكل الإقليمية والمسارات المتعددة للتحرك والتنقل (الهجرة، الإجلاء، الطرد، الغزو، الاحتلال)، ومجموعة من الممارسات المتباينة (عمليات شراء الأراضي، الدبلوماسية، الحرب، التفسير القانوني، العنف المخالف للقانون)، والتركيب والتفكيك الانسيابي للمستويات «العمودية» للتحليل والتجربة (المادي، المحلي، القومي، الإقليمي، الدولي). وقد اعتمدت في تقديم هذا المخطط التمهيدي على ملاحظات الباحثين من عدد من التخصصات والنشطاء، وحري بنا هنا أن نتذكر كلمات ديفيد نيومان التي بدأ بها هذا الفصل: إن دراسة وبحث التحليل الإقليمي لمصطلح «فلسطرائيل» «يبينان مدى أهمية بقايا البعد الإقليمي لفهم التنظيم السياسي للمكان، حتى في هذا العالم «الخالي من الحدود والأقلمة» وفي أصغر الأقاليم» (2002، 632).

إن هذا العرض بلا شك «أحادي الجانب»؛ إذ إن تركيزه ينصب على بناء وتشغيل منظومة السيطرة الإقليمية الإسرائيلية وتأثيرها على الشعب الفلسطيني. ويعد هذا على الأخص نتاجا للتفاوتات الجذرية للسلطة المتضمنة هنا؛ فبينما لا يعد الشعب الفلسطيني عاجزا على نحو مطلق عن تشكيل الأماكن التي يعيش ويموت بداخلها مع الشعب الإسرائيلي، فإن هذه القدرة على القيام بذلك أقل بكثير من قدرة الدولة الإسرائيلية على نحو واضح. غير أن «أحادية» عرضي مخففة نوعا ما باعتمادي البالغ على تأويل الباحثين والنشطاء والإسرائيليين من منتقدي منظومة السيطرة الإقليمية الإسرائيلية التي تطوق حياتهم وحياة أحبائهم. والصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين ينعكس إلى حد ما (وإن لم يكن على نحو تام) في المجادلات والمناقشات بين الصهيونيين والمناهضين للصهيونية، والمتدينين والعلمانيين، والمحافظين والليبراليين، والراديكاليين من شباب وشيوخ الإسرائيليين الذين سيواصلون إعادة أقلمة ظروف الوجود الإنساني في الأرض المتاخمة للركن الجنوبي الشرقي من البحر الأبيض المتوسط. والتشكيلات الإقليمية القائمة الآن تعكس قوى الخوف، والكراهية، والوحشية، والفساد، والخيانة، والتضحية. وبالرغم من الصعوبات، يتطلع كثيرون إلى خلق تشكيلات تؤدي إلى ترسيخ وتدعيم الأمل والاحترام والكرامة الإنسانية.

الفصل الخامس

Unknown page