من خلال تفسير ما يعتبره ساك «توافقات أساسية»، يلفت انتباهنا إلى بعض من «العلاقات المتبادلة المنطقية بين الميول» الأكثر أهمية (ص34) ونتائجها أو استخداماتها العملية. وبقدر أهمية القصدية للإقليم كاستراتيجية، يلاحظ أن بعضا من نتائج هذه التوافقات الأساسية (أو أي منها في موقف معين) قد يكون غير مقصود من وجهة نظر المسيطر. ومثل الميول العشرة، تعرض التوافقات الأساسية الأربعة عشر في شكل قائمة، ومعرفة كما يلي: (أ)
جميع الميول يمكن أن تدخل في تكوين «التسلسلات الهرمية المعقدة»؛ على سبيل المثال: التصنيف (1)، والتواصل (2)، وفرض السيطرة (3)، والعلاقات المجردة (6)، والقولبة (8)؛ «يمكن أن تراعي الدائرة الهرمية المتدرجة للمعرفة والمسئولية، وللعلاقات المجردة وقنوات التواصل المحدودة، التي تعد جميعا مكونات أساسية للبيروقراطية» (ص36). وبالنظر إلى الوجود المطلق للمؤسسات البيروقراطية في الحياة الحديثة - من الهياكل السياسية إلى أماكن العمل، والمؤسسات الدينية، والمدارس - فإن هذا يشير إلى أن الإقليمية أكثر تغلغلا وانتشارا على نحو شاسع مما كان الباحثون يفترضون حتى ذلك الحين. (ب)
تؤثر إقليمية المؤسسات الهرمية المعقدة على «توزيع المعرفة والمسئولية داخلها»، وكذلك تيسر تقسيم وظائف التخطيط القصير الأجل والطويل الأجل. وعموما، كلما ارتفع «مستوى» السلطة داخل مؤسسة ما، اتسع النطاق المكاني للمعرفة والمسئولية. والمستويات الأعلى تفترض مهام تخطيط طويل الأجل، والمستويات الأدنى قد تنفذ هذه المهام فحسب. (ج)
في «المستويات العليا لتسلسل هرمي ما» (ص36) قد تستخدم الأقاليم لتحديد علاقات المرءوسين من خلال استخدام التصنيف (1)، والفرض (3)، والقولبة (8)، والعلاقات المجردة (6). وفي هذا المقام يميز ساك بين «التعريفات الإقليمية للعلاقات الاجتماعية» (كما في المجتمعات السياسية الحديثة)، وبين «التعريفات الاجتماعية للعلاقات الإقليمية» (كما في مثال التشيبيوا في حقبة ما قبل الحداثة). (د)
بالنظر إلى العلاقة بين الإقليمية الهرمية والميل إلى تطوير دائرة المعرفة، فإن من بين النتائج المترتبة حدوث زيادة في كفاءة الإشراف على المرءوسين. وفي هذا المقام يقدم ساك مثالا توضيحيا آخر يتعلق بالسجناء والحرس: «تقييد تحركات السجناء بوضعهم في زنزاناتهم يسهل مهمة الإشراف عليهم عما إذا سمح لهم بالتجول بحرية داخل السجن» (ص37). (ه)
ثمة مجموعة أساسية أخرى تتعلق بالتغيير، وهي تلك التي تولد إحساسا ب «الحيز القابل للإخلاء مفاهيميا». «إن العلم، والتكنولوجيا، والرأسمالية تجعل فكرة تكرار وفعالية «الإشغال» و«الإخلاء» ونقل الأشياء داخل الأقاليم من جميع المستويات فكرة عملية. والإقليمية تعمل بمنزلة آلية لجعل الحيز قابلا للإخلاء والإشغال» (ص37-38). ويعد التجريد من العناصر المهمة لهذه القدرة على إعادة التخيل. (و)
إن إمكانية اتخاذ الأقاليم ما يطلق عليه ساك خصائص سحرية، تنبع من توافق بين ميول التجسيد المادي (4) والإزاحة (5). لعل من الطرق الأخرى للتعبير عن هذا هو القول بأن الأقاليم يمكن أن تتجلى في تعمية السلطة؛ ففي سياق حديث ما، يكون «الإقليم مظهرا ماديا لسلطة الدولة، ولكن الولاء للإقليم أو الموطن يجعل الإقليم يبدو مصدرا للسلطة» (ص38). (ز)
قد ينجم تأثير كل من التباين والتأثير الجانبي عن تعيين حدود المعرفة والمسئولية على نحو خاطئ (تحقيقا لأغراض المسيطر). وتبدو هذه التأثيرات عواقب غير مقصودة لمؤقلمين على كفاءة أقل من التامة. (ح)
تساهم الإزاحة (5) والتكاثر الإقليمي (10)، المرتبطان نوعا ما بالإقليمية السحرية (ح)، في «التيسير على الإقليم كي يبدو الغاية للسيطرة والتحكم وليس الوسيلة» (ص39). (ط)
الإقليم يمكن أن «يخلق تفاوتات». (ي)
Unknown page