97

Iqaz Uli Himam

إيقاظ أولي الهمم العالية إلى اغتنام الأيام الخالية

Genres

Sufism

وقال بعض العلماء: اعلم أن للعالم العامل بعلمه حقيقة علامات وأمارات تفرق بينه وبين علماء اللسان المخلطين المتبعين للهوى المؤثرين للدنيا على الآخرة، فمن علامات العالم الحقيقي الممتاز: أن يكون متواضعا خائفا وجلا مشفقا من خشية الله زاهدا في الدنيا قانعا باليسير منها بعيدا عن الحسد والعجب والغيبة والنميمة والمداهنة، ملتمسا للفقراء المتمسكين بدينهم الخالية بيوتهم من الملاهي والمنكرات، الذين ليس لهم موارد ولا مساكن ليسعفهم بما يقدر عليه من مال وجاه، ناصحا لعباد الله شفيقا عليهم رحيما بهم، آمرا بالمعروف، فاعلا له وناهيا عن المنكر، ومجتنبا له ومسارعا في الخيرات ملازما للعبادات، دالا على الخير، داعيا إلى الهدى، ذا صمت وتوأدة ووقار وسكينة، حسن الأخلاق، واسع الصدر، لين الجانب، مخفوض الجناح للمؤمنين، لا متكبرا، ولا متجبرا، ولا طامعا في الناس، ولا حريصا على الدنيا، ولا مؤثرا لها على الآخرة.

ولا منهمكا بجمع المال، ولا مانعا له عن حقه، ولا فظا ولا غليظا، ولا مماريا، ولا مخاصما بالباطل، ولا سيئ الأخلاق، ولا ضيق الصدر، ولا مداهنا، ولا مخادعا، ولا غشاشا، ولا مقدما للأغنياء على الفقراء، ولا مرائيا، ولا محبا للولايات.

وبالجملة فيكون متصفا بجميع ما يحثه عليه الكتاب والسنة، مؤتمرا بما يأمرانه به من الأخلاق المحمودة والأعمال الصالحة، مجانبا لما ينهى عنه كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأخلاق والأعمال المذمومة.

وهذه صفات ينبغي أن يتصف ويتحلى بها كل مؤمن، إلا أن العالم وطالب العلم أولى أني تصف بها ويحافظ عليها ويدعو إليها.

وينبغي للعالم أن يكون حديثه مع العامة في حال مخالطته لهم في بيان الواجبات المحرمات ونوافل الطاعات وذكر الثواب والعقاب على الإحسان والإساءة، ويكون كلامه بعبارة يعرفونها ويفهمونها، ويبين لهم الأمور التي هم ملابسون لها.

ولا ينبغي له أن يسكت حتى يسأل وهو يعلم أنهم محتاجون إليه، أو مضطرون له، والله الموفق.

وقال رجل لعبد العزيز بن أبي رواد: كيف أصبحت؟ فبكى، وقال: أصبحت والله في غفلة عظيمة عن الموت مع ذنوب كثيرة ومؤئل لست أدري علام أهجم ثم بكى.

الأيام ثلاثة: فأمس حكيم مؤدب ترك حكمته وأبقاها عليك، واليوم صديق مودع كان عنك طويل الغيبة حتى أتاك ولم تأته وهو عنك سريع الفراق، وغدا لا تدري أتكون من أهله أو لا تكون.

وكان يقال من أشد الناس حسرة يوم القيامة ثلاثة: رجل كان له عبد فجاء يوم القيامة أفضل عملا منه، ورجل له مال فلم يتصدق منه فمات فورثه غيره فتصدق منه، ورجل عالم لم ينتفع بعلمه فعلم غيره فانتفع به.

Page 98