بسم الله الرحمن الرحيم
Page 2
وبه نستعين الحمد لله رب العالمين ، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، كما يحب ربنا ويرضى ، وأشهد أن لا إله إلا الله الأحد الصمد ، الغني الذي يفتقر إليه كل ما في الكون طولا وعرضا ، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، الفاتح الخاتم ، المبعوث بدين الحق ليظهره على الدين كله ؛ فأبانه نفلا وفرضا ، صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله وأصحابه وتابعيهم بإحسان وسلم ، صلاة وسلاما فائضي البركات ، يملآن سماء وأرضا .
أما بعد ...
Page 3
فقد قال الله : [ يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا ] (¬1) وقال تعالى : [واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين ] (¬2) أي : فيما بين ذلك ، وإنما يتحقق ذلك بالحضور مع الله سبحانه في جميع تقلباته ، في الأشغال والمهمات ، وأقل درجات ذلك أن يستحضرعندما يتوجه لفعل ما هو مطلوب ، الفعل فرضا أوسنة ، أن الله أمر بهذا وجوبا أو ندبا ، وعند ترك ما هو مطلوب ، الترك محرما أو مكروها أن الله نهى عن هذا ، وعند المباح أن الله أباح هذا ، ولولا أنه أباحه لما فعلته ، فإن ضم إلى هذا نية صالحة أخرى فهو أزكى ، وتتفاوت الدرجات في ذلك على حسب تفاوت مراتب الهمة ، والفهم عن الله سبحانه ؛ فتتفاوت لذلك درجات كمال الاتباع ، فكامل ، وأكمل ، قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى : ( وما تقرب إلي [ عبدي ] (¬3) بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه [فإذا أحببته ] (¬4) كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ) .
Page 4
زاد في غير رواية البخاري : ( وفؤاده الذي يعقل به ، ولسانه الذي يتكلم به ) ، والمراد بالنوافل جميع ما يندب من الأقوال والأفعال ، فعلى طالب الحق سبحانه أن يسلك بعد أداء ما افترض عليه طريق التقرب بالنوافل بالتزام ما يطيقه من مندوبات الأقوال والأفعال بخالص العبودية ، فإنها تنتج المحبة الإلهية المنتجة ، لما ذكر في الحديث .
Page 5
Page 6