ـ[الانتصارات الإسلامية في كشف شبه النصرانية]ـ المؤلف: سليمان بن عبد القوي بن الكريم الطوفي الصرصري، أبو الربيع، نجم الدين (المتوفى: ٧١٦هـ) المحقق: سالم بن محمد القرني الناشر: مكتبة العبيكان - الرياض الطبعة: الأولى، ١٤١٩هـ عدد الأجزاء: ٢ أعدّه للشاملة/ عويسيان التميمي البصري [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

Unknown page

[الجزء الأول] أولا: المقدمة - سبب اختيار الموضوع. - أهميته العلمية. - العمل الذي عملته في الكتاب.

1 / 7

المقدمة الحمد لله الذي بعث في كل أمة رسولا ليعبدوه مخلصين له الدين وجعل خاتمهم وأفضلهم محمدا ﵌ أخذ العهد والميثاق على النبيين إن أدركوه في حياته ليؤمن به، وليكونن من أنصاره وأتباعه، ناداهم بأسمائهم وناده بوصف النبوة والرسالة، وأنزل عليه القرآن الكريم ومثله معه، فكان معجزة خالدة، أعجز البلغاء والفصحاء والحكماء، وتكفل الله بحفظه إلى يوم القيامة وجعله مهيمنا على الكتب قبله، وحجة على من بلغه. وجادل به أهل الكتاب فأقام عليهم الحجة ونصره الله به في إظهار دينه وأيده. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله- صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن اتبع هديه ونصر شريعته إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا-. أما بعد: فإن الصراع بين الحق والباطل منذ خلق الله آدم- ﵇ فقد كان في صراع مع إبليس الذي أمره الله بالسجود لآدم فأبى واستكبر وتوعد بإغواء آدم وذريته وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (١١) إلى قوله تعالى: يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (٢٧) «١» واستمر هذا بين حزب الله المفلحين وحزب الشيطان الخاسرين في كل عصر. وبين _________ (١) - سورة الأعراف: ١١ - ٢٧.

1 / 9

الأنبياء والمعاندين من المشركين والكافرين. كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ (٥) وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ (٦) «١» وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُوًا (٥٦) «٢» إلى أن جاءت رسالة محمد ﵌ فكانت خاتمة الرسالات وكانت سنة الله جارية في ذلك الصراع، ومنه الصراع الذي كان مستمرا بين نبي الله وأهل الكتاب: اليهود والنصارى، فكانوا دائما يحاولون التشكيك في القرآن الكريم وفي نبوة محمد ﵌ منذ نزول الوحي بمكة، ويحرض اليهود كفار قريش في انكار دعوته ﵌ وإثارة الشبه حول ما جاء به. وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٩) «٣». وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (١٢٠) «٤». ومن هؤلاء: النصارى الضلال الذين اتخذوا من شخص محمد ﵌ والقرآن _________ (١) سورة غافر: ٥ - ٦. (٢) سورة الكهف: ٥٦. (٣) سورة البقرة: ١٠٩. (٤) سورة البقرة: ١٢٠.

1 / 10

الكريم والسنة المطهرة، هدفا يصوبون إليه سهامهم المسمومة، ويوجهون نحوها الدعاوى الباطلة، والمطاعن الكاذبة؛ استمروا على ذلك منذ فجر الإسلام، ولقد سجل القرآن الكريم بعض مواقفهم مع النبيّ ﵌ ومناظرتهم له، كما في قصة وفد نجران التي انتهت بالمباهلة التي امتنعوا منها لعلمهم بأن محمدا ﵌ على الحق وخوفهم أن يقصمهم الله لعنادهم ومكابرتهم وكتمانهم الحق «١». واستمر ذلك عبر القرون التالية لعصر النبوة والخلافة الراشدة. وظل الاسلام يخوض معهم حروبا ساخنة بالسيف والقلم كما حدث في الحروب الصليبية ... والاستعمار الغربي الصليبي في أول القرن الحاضر، ولا تزال آثار هذه الحروب باقية إلى اليوم. ولقد اشتدت الحرب الفكرية الشيطانية في هذه، الأيام واستطاعت أن تستخدم المؤسسات التعليمية والوسائل المقروّة والمرئية والمسموعة بل وتستعمل العقول الجاهلة والضالة لترويج تلك السموم والدعاوى الباطلة، والمطاعن الكاذبة التي رددها أسلاف هؤلاء النصارى الصلبيين. لقد نهجوا في ذلك أساليب كثيرة، واتخذوا وسائل متعددة ففتحوا الجامعات اللاهوتية لدراسة الإسلام وتتبع نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة، والسيرة النبوية الشريفة، في محاولات جادة لإثارة الشبه والمطاعن حولها، وتخرج من هذه الجامعات مجموعة من عصابات الاستشراق والتنصير، وانطلقوا بقلوب مليئة بالحقد والتعصب، على خطط متضافرة على العمل ضد الإسلام تمدها ميزانيات ضخمة من الدول الأوروبية والأمريكية الكافرة. _________ (١) نزل في ذلك معظم النصف الأول من سورة آل عمران.

1 / 11