سبحانه موصوف بذلك بصفة لا يوصف بها العبد، والعبد موصوف بذلك بصفة لا يوصف بها الله، وإن كان المعنى الذي وُصِفْنَا به لأجله واحدًا فيوصف الله بأنه خالق لفعل العبد أي أنه أنشأه واخترعه وأراده وعلمه وقدره بإرادة قديمة وعلم قديم وقدرة قديمة (^١)، ولا يوصف سبحانه بأنه مكتسب للفعل والعبد موصوف بأنه مكتسب لفعله، ولا نصفه بأنه خالق له كما أنه موصوف بأنه متحرك بفعله ومباشر له، ولا يوصف الله سبحانه بأنه متحرك فيما فعل (^٢) ولا مباشر له (^٣) وينفصل عن قول المجبرة، لأن المجبر هو: المقهور، والمكتسب هو من يقع الفعل منه وهو مختار لوقوعه ومؤثر لوقوعه على تركه.
والمجبر على الفعل هو: المضطرب برعدة الحمى والفالج، ولا يلزمنا القول بالحق، لأن الخالق (^٤) هو: المنشئ بقدرة قديمة على ما مضى ويوصف بالعلم بما خلق قبل الفعل وبعده، ويقدر على إعادة الخلق، وبهذا نبه الله على خلقه للأشياء بقوله تعالى: ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ (^٥) وقوله تعالى: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ﴾ (^٦) ووصف العباد بالكسب بقوله تعالى: ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ (^٧) وقوله تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾ (^٨) وقوله: ﴿جَزَاءً بِمَا كَسَبَا﴾ (^٩) وكل ما أخبر الله عنهم بالعمل