١٨ - فصل
ومما استدللت به في الرسالة على أن الله خلق أفعال العباد في الخير والشر قوله تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ (^١) وقوله تعالى: ﴿خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ (^٢) في آي كثيرة، وأفعال العباد أشياء فوجب أن تكون داخلة في جميع المخلوقات.
فأجاب القدري المخالف عن ذلك وقال: لا حجة لهذا المستدل بهذه الآية لمعنيين أحدهما: أن أفعال العباد متنازع فيها فعليه أن يدلل على أنها مخلوقة كسائر المخلوقات.
والثاني: أن الآية وإن كانت عامة فإنا نخصصها بالعقل ونخرج أفعال العباد من جملة الأشياء المخلوقة بالعقل، كما خصصنا جميعًا ذات الله سبحانه وإن كانت شيئا من الأشياء المخلوقة، وكما خصصتم أنتم صفاته كعلمه (^٣) وإرادته وقدرته وحياته وسمعه وبصره وكلامه من جملة الأشياء المخلوقة. هذا نكتة قوله التي يعتمد عليها ولا معنى لذكر ما أورده مع ذلك من الأذية التي استحسنها لنفسه ولا تليق بالعلماء.
والجواب عن الفصل الأول من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الله قال: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ (^٤)، وحركات العباد داخلة في العمل وآثار عملهم في الأعيان المعمول فيها تسمى أعمالًا لهم فثبت أنها خلق الله (^٥).