151

Intisar Fi Radd

الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار

Investigator

رسالة دكتوراة من قسم العقيدة في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية بإشراف الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد ١٤١١ هـ

Publisher

أضواء السلف

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٩ هـ - ١٩٩٩ م

Publisher Location

الرياض - السعودية

١٨ - فصل ومما استدللت به في الرسالة على أن الله خلق أفعال العباد في الخير والشر قوله تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ (^١) وقوله تعالى: ﴿خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ (^٢) في آي كثيرة، وأفعال العباد أشياء فوجب أن تكون داخلة في جميع المخلوقات. فأجاب القدري المخالف عن ذلك وقال: لا حجة لهذا المستدل بهذه الآية لمعنيين أحدهما: أن أفعال العباد متنازع فيها فعليه أن يدلل على أنها مخلوقة كسائر المخلوقات. والثاني: أن الآية وإن كانت عامة فإنا نخصصها بالعقل ونخرج أفعال العباد من جملة الأشياء المخلوقة بالعقل، كما خصصنا جميعًا ذات الله سبحانه وإن كانت شيئا من الأشياء المخلوقة، وكما خصصتم أنتم صفاته كعلمه (^٣) وإرادته وقدرته وحياته وسمعه وبصره وكلامه من جملة الأشياء المخلوقة. هذا نكتة قوله التي يعتمد عليها ولا معنى لذكر ما أورده مع ذلك من الأذية التي استحسنها لنفسه ولا تليق بالعلماء. والجواب عن الفصل الأول من ثلاثة أوجه: أحدها: أن الله قال: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ (^٤)، وحركات العباد داخلة في العمل وآثار عملهم في الأعيان المعمول فيها تسمى أعمالًا لهم فثبت أنها خلق الله (^٥).

(^١) القمر آية (٤٩). (^٢) الأنعام آية (١٠٢)، الرعد آية (١٦)، الزمر آية (٦٢)، غافر آية (٦٢). (^٣) في هامش الأصل كلمة غير ظاهرة وكتبها في (ب) لعلمه ولعل صوابها كعلمه. (^٤) الصافات آية (٩٦). (^٥) قوله جل وعلا: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ استدل بها بعض السلف على خلق العمال، فقد روى البخاري في خلق أفعال العباد بسنده إلى حذيفة ﵁، قال: قال رسول الله ﷺ: "إن الله يصنع كل صانع وصنعته" وتلا بعضهم عند ذلك ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾. خلق أفعال العباد ص ١٧. وذكر القرطبي وابن كثير أن (ما) في الآية يحتمل أن تأتي على معنيين: إما أن تكون مصدرية فتكون معنى الآية: (والله خلقكم وعملكم)، فتكون دليلا على خلق الأعمال بطريق النص. واستحسن هذا المعنى القرطبي وإما أن تكون بمعنى الذي فيكون المعنى: (والله خلقكم والذي تعملون) فيكون المراد بالمعمول هنا الأصنام، وهذا ما رجحه ابن القيم. وعلى هذا يمكن الاستدلال بها على خلق الأعمال من ناحية اللزوم، فإن الصنم اسم للشيء الذي وقع عليه العمل المخصوص وهو النحت، فإذا كان مخلوقًا لله كان خلقه متناولًا لمادته وصورته، وهذا هو ما قال به المصنف هنا حيث اعتبر (ما) بمعنى الذي فيكون الصنم مخلوقًا ويدخل فيه حركات العباد التي عملته. انظر: تفسير القرطبي ١٥/ ٩٦، تفسير ابن كثير ٤/ ١٣ شفاء العليل ص ١١٠.

1 / 168