358

Intisar

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

والحجة على ذلك: هو أن الإنفحة بكسر الهمزة وفتح الفاء بنقطة من أعلاها وحاء مهملة: هو شيء أصفر يكون في كرش الجدي مالم يأكل الشجر واتصاله بالنجاسة ظاهر، فلهذا كان نجسا، دليله سائر رطوبات الميتة من دمها وفرثها، يؤخذ فيفت على الجبن فينعقد به، فما كان مأخوذا من الميتة فهو نجس لما ذكرناه من الاتصال بها، وذهب أبو حنيفة إلى طهارته.

والحجة له على ذلك: هو أن الرسول خرج إلى غزوة الطائف فأتوه بالجبن، فقال عليه السلام: (( أين يصنع هذا))؟ فقالوا له: بأرض فارس، فقال عليه السلام: (( اذكروا اسم الله عليه ثم كلوا))(¬1). ولا شك أن ذبائح المجوس نجسة؛ لأنها ميتة، فظاهر الخبر دال على طهارة الإنفحة؛ لأن جبنهم لا ينعقد جبنا إلا بها.

والمختار: ما عول عليه علماء العترة ومن وافقهم على ذلك.

والحجة على ذلك: ما قدمناه؛ ونزيد ههنا وهو أن الإنفحة نازلة منزلة أعضاء الميتة في كونها متصلة بالميتة، فلهذا حكمنا بنجاستها كنجاسة أعضاء الميتة.

الانتصار: قالوا: الحديث دال على طهارة الإنفحة.

قلنا: عن هذا جوابان:

أما أولا: فلأن هذا الحديث منسوخ بقوله تعالى: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه}[الأنعام:121]. ولا شك أن المجوس ليسوا أهل كتاب عندنا، فذبائحهم تكون ميتة لا محالة فلهذا كان منسوخا.

وأما ثانيا: فلأن المجوس قد قيل: إنهم لا يذبحون لأنفسهم، بل كان يذبح لهم اليهود والنصارى وهم أهل كتاب، ومن منع من ذبائح المجوس لم يمنع من ذبائح أهل الذمة، وهي مسألة خلاف بين أهل القبلة، كما سنوضحه في الذبائح بمعونة الله تعالى.

قالوا: ما جاز أن يؤخذ من الحيوانات في حال حياته، فإنه لا ينجس بالموت كالبيض.

Page 364