338

Intisar

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

قلنا: هذا فاسد لأمرين:

أما أولا: فلأن ما يحكم بطهارته من السمك فهو مأكول بدليل قوله : (( أحل لنا ميتتان ودمان))(¬1). فالميتتان: السمك والجراد، والذى يؤكل هو لحمه دون دمه، فلهذا لم يكن طاهرا.

وأما ثانيا: فبالفرق، وهو أن المعنى في الأصل، هو كونه مما يدخر ويقتات بخلاف الدم فإنه لا يدخر ولا يقتات فلا يكون طاهرا.

قالوا: لو كان دمه نجسا لم يحل حتى يسفحه سافح كالشاة، فلما لم يحتج في حل أكله إلى سافح دل على طهارته.

قلنا: هذا فاسد لأمرين:

أما أولا: فلأنا لا نسلم أن حاجة الشاة إلى ذبحها ليسفح دمها من أجل نجاستة فيلزم ما قالوه، وإنما كان ذلك لأجل الاستعجال لإزهاق الروح، والسمك يموت بإخراجه من الماء، فلهذا لم يكن محتاجا إلى سفح سافح.

وأما ثانيا: فلو كان طهارتها من أجل سفح الدم، لكان يلزم أنه لو ذبحها من غير منحرها أن تكون حلالا، والأمر على خلاف ذلك، فسقط ماتعلقوا به، وصح أن دم السمك نجس؛ لكونه سافحا سواء كان سائلا قبل موته أو بعده.

مسألة: البق والبراغيث والكتان، حيوانات لداغة للجسم تقع على الأجسام فتمص الدم بمناقيرها وتمتلي أكراشها منه، فأما ما يخرج من أدبارها، فلا يقع خلاف بين العلماء في طهارته؛ لكونه ذرقا خارجا عن صفة الدم في لونه وغلظه، وإنما تردد الفقهاء وخلافهم إذا قصعت بعد مصها [للدم]، فهل يكون ما يخرج منها من الدم طاهرا أو نجسا فيه مذهبان:

المذهب الأول: أنه طاهر، وهذا هو المحكي عن السيدين أبي العباس وأبي طالب، ومحكي عن أبي حنيفة وأصحابه.

Page 344