وما أحسن قول الإمام أحمد: «ضعيفُ الحديث خيرٌ من رأي فلان» (^١).
ثم لأهل الحديث من المزيَّة أن ما يقولونه من الكلام الذي لا يفهمُه بعضهم هو كلامٌ في نفسه حقٌّ، وقد آمنوا بذلك، وأما المتكلِّمةُ فيتكلَّفون من القول ما لا يفهمونه ولا يعلمون أنه حقٌّ. وأهلُ الحديث لا يستدلُّون بحديثٍ ضعيفٍ في نقض أصل عظيمٍ من أصول الشريعة، بل إما في تأييده وإما في فرعٍ من الفروع، وأولئك يحتجُّون بالحُدود والمقاييس الفاسدة في نقض الأصول الحقَّة (^٢) الثابتة.
إذا عُرِف هذا فقد قال الله تعالى عن أتباع الأئمَّة من أهل المُلك والعلم (^٣) المخالفين للرُّسل: ﴿فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ﴾ [غافر: ٨٣]، وقال تعالى: ﴿يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا﴾ [الأحزاب: ٦٦]، ومثلُ هذا في القرآن كثير.
وإذا كانت سعادةُ الدنيا والآخرة هي باتباع المرسلين، فمن المعلوم أن أحقَّ الناس بذلك أعلمُهم بآثار المرسَلين وأتبعُهم لذلك، فالعالِمُون