وقد يكون الخبيرُ بحروبهم أقدرَ على حربهم ممَّن ليس كذلك، لا لفضل قوَّته وشجاعته ولكن لمجانسَته لهم، كما يكونُ الأعجميُّ المتشبِّه بالعرب ــ وهم خيارُ العجم ــ أعلمَ بمخاطبة قومه الأعاجم من العربي، وكما يكونُ العربيُّ المتشبِّه بالعجم ــ وهم أدنى العرب ــ أعلمَ بمخاطبة العرب من العجمي، فقد جاء في الحديث: «خيارُ عَجَمِكم المتشبِّهون بعَرَبكم، وشِرارُ عَرَبكم المتشبِّهون بعَجَمكم» (^١).
ولهذا لمَّا حاصَر النبيُّ ﷺ أهلَ الطائف رماهم بالمَنْجَنِيق (^٢)، وقاتَلهم قتالًا لم يقاتِل مثلَه في المُزَاحَفة (^٣) في يوم بدرٍ وغيره.
وكذلك لمَّا حُوصِر المسلمون عام الخندَق اتخَذوا من الخندق ما لم يحتاجوا إليه في غير الحصار. وقد قيل: إن سلمان أشار عليهم بذلك (^٤)، فسلَّموا ذلك لأنه طريقٌ إلى فعل ما أمر الله به ورسوله.