أكابرُ حكماء البلاد، فلَأَنْ يوجِبوا اتِّباعَ نواميس الرسل أولى، فإنهم ــ كما قال ابنُ سينا ــ: «اتفق فلاسفةُ العالم على أنه لم يقرَع العالمَ ناموسٌ أفضلُ من هذا الناموس المحمَّدي» (^١)، وكلُّ عقلاء الفلاسفة متَّفقون على أنه أكملُ النوع وأفضلُ النوع البشري، وأن جنسَ الرُّسل أفضلُ من جنس الفلاسفة المشاهير، ثم قد يزعمون أن الرُّسلَ والأنبياءَ حكماءُ كبار، وأن الفلاسفة الحكماءَ أنبياءُ صغار، وقد يجعلونهم صنفان (^٢)، وليس هذا موضعَ شرح ذلك، فقد تكلَّمنا على ذلك في غير هذا الموضع (^٣).
وإنما الغرض أن هؤلاء الأساطِين من الفلاسفة والمتكلِّمين غايةُ ما يقولون هذا القول، ونحن ذكرنا الأمرَ على وجه التقسيم العقليِّ الحاصِر لئلَّا يخرجَ عنه قسم، ليتبيَّن أن المخالفَ لعلماء الحديث علمًا وعملًا إما جاهلٌ وإما منافق، والمنافقُ جاهلٌ وزيادة كما سنبيِّنه إن شاء الله، والجاهل هنا فيه شعبةُ نفاق وإن كان لا يعلمُ بها، فالمنكِر لذلك جاهلٌ منافق.